قدم عروة بن الزّبير على الوليد بن عبد الملك فخرج برجله قرحة الأكلة (١) فبعث إليه الوليد بالأطباء ، فأجمع رأيهم على إن لم ينشروها قتلته ، فقال : شأنكم بها ، فقالوا : نسقيك شيئا لئلا تحسّ بما نصنع؟ قال : لا ، شأنكم بها ، قال : فنشروها بالمنشار ، فما حرّك عضوا عن عضو ، وصبر ، فلما رأى القدم بأيديهم دعا بها ، فقلبها في يده ثم قال : أما والذي حملني عليك إنه ليعلم أنّي ما مشيت بها إلى حرام ـ أو قال : معصية.
قال الوليد : قال عبد الله بن نافع بن ذؤيب أو غيره من أهل دمشق ، عن أبيه أنه حضر عروة حتى فعل به ذلك قال هذه المقالة ، ثم أمر بها فغسلت ، وطيّبت ، ولفّت في قبطية (٢) ، ثم بعث بها إلى مقابر المسلمين.
٣٦٠٠ ـ عبد الله بن نزار العبسي (٣)
أدرك النبي صلىاللهعليهوسلم ووجّهه أبو بكر الصّدّيق بكتابه إلى [أبي](٤) عبيدة بن الجرّاح إلى الشام حتى توجّه إلى فتح دمشق.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد ، أنا أبو علي محمّد بن محمّد بن أحمد ، أنا أبو الحسن (٥) علي بن أحمد بن عمر بن حفص ، أنا أبو علي محمّد بن أحمد بن الحسن ، أنا أبو محمّد الحسن بن علي القطّان ، نا إسماعيل بن عيسى العطّار ، حدّثني أبو حذيفة إسحاق بن بشر قال : قال ابن إسحاق عن من يخبره عن مجاهد عن ابن عبّاس (٦) قال :
ثم سار ـ يعني : أبا عبيدة ـ حتى إذا دنا من باب الجابية أتاه آت فقال له : إنّ هرقل بأنطاكية ، وقد جمع لك من الجنود جمعا لم يجمعه أحد من الأمم ممن كان قبله ، فانصر نصرك الله (٧) ، فاختبر أبو عبيدة عن ذلك فوجده حقا ، فكتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الله أبي بكر الصّدّيق خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، من أبي عبيدة بن الجرّاح ، سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، وأمّا بعد ، فإنّا نسأل
__________________
(١) الأكلة كفرحة داء في العضو يأتكل منه (القاموس المحيط).
(٢) القبطية : الثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء ، وكأنه منسوب إلى القبط ، وهم أهل مصر ، على غير قياس.
(اللسان : قبط).
(٣) الإصابة ٣ / ٩٤.
(٤) سقطت من الأصل.
(٥) بالأصل : الحسين ، والصواب ما أثبت ، ترجمته في سير الأعلام ١٧ / ٤٠٢.
(٦) الأصل : «أبي عياش» تحريف ، والصواب عن مختصر ابن منظور ١٤ / ٨٧ والإصابة ٣ / ٩٤.
(٧) كذا بالأصل والمختصر ١٤ / ٨٧ وفي المطبوعة : فأبصر ، بصّرك الله.