تصحيف فاحش ، فإنه تميم بدل غنم شهد بدرا والمشاهد كلها ، مهاجريّ ذو هجرتين ، هاجر قبل جعفر إلى الحبشة ، من النجباء والنقباء والرفقاء ، كنّاه النبي صلىاللهعليهوسلم أبا عبد الرّحمن قبل أن ولد له. سادس الإسلام سبقا وإيمانا أمّه أم عبد بنت الحارث بن زهرة ، وقيل أم عبد بنت عبد ودّ بن سويّ بن فريم بن صاهلة بن كاهل ، والأول أثبت ، حليف بني زهرة وعداده فيهم. أحد الأربعة من القرّاء الذين قال فيهم النبي صلىاللهعليهوسلم : «استقرءوا القرآن من الأربعة» [٦٧٢٢].
تلقّن من في رسول الله صلىاللهعليهوسلم سبعين سورة (١) ، قال فيه : «من سرّه أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه بقراءته».
وأخبر أن ساقيه في الميزان أثقل من أحد (٢) ، وأمر أمّته أن يتمسّكوا بعهد ابن أم عبد ، فقال : «رضيت لأمّتي ما رضي لها ابن أم عبد» [٦٧٢٣].
وقال له حين سمع دعاءه وثناءه : «سل تعطه» [٦٧٢٤].
وقال له : «إذنك عليّ أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي حتى أنهاك» [٦٧٢٥].
كان أشبه الناس هديا ودلّا برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، علم المحفوظون من أصحاب محمّد صلىاللهعليهوسلم أنه من أقربهم إلى الله وسيلة ، نفله رسول الله صلىاللهعليهوسلم سيف أبي جهل حين أتاه برأسه (٣) ، بعثه عمر بن الخطّاب إلى الكوفة ، وولّاه [بيت المال ، وكتب فيه إليهم : هو من النجباء. وآثرتكم بعبد الله على نفسي ، فاقتدوا به وقال : هو](٤) كنف (٥) ، مليء علما وفقها ، وقال فيه علي : قرأ القرآن وقام عنده وكفي به ، وقال أبو موسى : كان يشهد إذا غبنا ويؤذن له إذا حجبنا وقال : لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهركم.
وقال فيه معاذ بن جبل حين حضره الموت وأوصى أصحابه : التمسوا العلم عند أربعة : عند ابن أم عبد. كان أحد الثمانية (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ)(٦) ،
__________________
(١) تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص ٣٨٠ وانظر ابن سعد ٣ / ١٥١ و١٥٣ ، وحلية الأولياء ١ / ١٢٥ وسير أعلام النبلاء ١ / ٤٧٦.
(٢) ورد في تاريخ الإسلام (ترجمته : ص ٣٨٣) عن علي قال : أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ابن مسعود فصعد شجرة فنظر الصحابة إلى ساقي عبد الله ، فضحكوا من حموشة ساقيه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما تضحكون ، لهما في الميزان يوم القيامة أثقل من أحد.
انظر تخريجه في تاريخ الإسلام.
(٣) مرّ أن عبد الله بن مسعود أجهز على أبي جهل يوم بدر ، وكان ابنا عفراء قد أثبتاه.
(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وأضيف عن المختصر ١٤ / ٤٥ والمطبوعة.
(٥) كذا ، وفي المختصر : كنيف ، والكنف : الوعاء. والكنيف : تصغير.
(٦) سورة آل عمران ، الآية : ١٧٢.