البلاد ، وملئوا أيديهم غنائم ، وهذا آخر خبر جاءني أنهم بوادي كذا وكذا ، فصدقتك وليس عندي من خبرهم غير هذا ، فغمدت سيفي وقلت : ادع لي بطعام ، فدعا ، ثم قمت وقال : اشتدّوا بين يدي رسول الملك حتى يخرج ففعلوا وقصدت إلى السرية حتى قدمت عليهم ، وخرجت بهم بما غنموا ، فهذا أعجب ما كان.
قال : ونا الوليد قال : وأخبرني بعض شيوخنا قال (١) :
رأيت البطّال قافلا من حجّه السنة التي قتل فيها رحمهالله ، وهو يخبر أنه لم يزل فيما مضى من عمره مشتغلا عن حجة الإسلام بما فتح له من الجهاد ، وسأل الله الحجّ والشهادة ، فإنّ الله قد قضى عنه حجته ، وهو يرجو أن يرزقه الشهادة في عامه هذا ، ثم مضى إلى منزله وغزا من عامه فاستشهد.
عن الوليد ، قال : وأخبرني عبد الرّحمن بن جابر قال :
فحدّثني من سمع البطّال يخبر مالك بن شبيب ـ يعني ـ أمير مقدمة الجيش الذي قتل فيه ـ عن خبر بطريق «أقرن» صهر البطّال أن ليون طاغية الروم قد أقبل في نحو مائة ألف.
فذكر الحديث في إشارة البطّال عليه باللحاق ببعض مدن الروم المقفلة المخرّبة ، والتحصن به حتى يلحقهم الأمير سليمان بن هشام ، وعصيان مالك بن شبيب البطّال في رأيه هذا.
قال : ولقيناه يعني ليون فقاتل مالك ومن معه حتى قتل في جماعة من المسلمين ، والبطّال عصمة لمن بقي من الناس ، ووال عليهم ، قد أمرهم أن لا يعصوه ، فلا يذكروا له اسما ، فتجمعوا عليه ، فشدّ عليهم حتى حمل حملة من ذلك ؛ فذكر بعض من كان معه اسمه وناداه (٢) فشدّت عليه فرسان الروم حتى شالته برماحها عن سرجه ، وألقته إلى الأرض ، وأقبلت تشدّ على بقية الناس ، والناس معتصمون بسيوفهم حتى كان مع اصفرار الشمس.
قال الوليد : قال غير ابن جابر وليون طاغية الروم قد نزل عن دابته ، وضرب له مفازة وأمر برهبته وأساقفته فحضروا ، فرفع يده ورفعوا أيديهم يستنصرون على المسلمين وزاد أمر قلتهم وقلة من بقي ، فقال ناد : يا غلام برفع السيف وترك بقية القوم لله ، وانصرفوا بنا إلى معسكرنا ، والقوم في بلادنا نغاديهم ، ففعل.
__________________
(١) الخبر في البداية والنهاية بتحقيقنا ٩ / ٣٦٤ من طريق الوليد.
(٢) الأصل : «وقداه» والمثبت عن البداية والنهاية ٩ / ٣٦٤.