قال أبو مروان : وكان أبوها بطريقا من بطارقة الروم له شرف ، فكان يهاديه ويكاتبه.
أخبرنا أبو تراب حيدرة بن أحمد المقرئ وغيره في كتبهم ، قالوا : أنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك القرشي قال : وأنا ابن عائذ عن الوليد قال : سمعت عبد الله بن راشد مولى خزاعة يخبر عن من سمعه من البطّال يخبر (١).
أن هشاما أو غيره من خلفاء بني أمية كان قد استعمل على ثغر المصّيصة وما يليها وأنه راث (٢) عليه خبر الروم ، فوجه سرية لتأتيه بالخبر عن غير إذن من الوالي.
قال البطّال ، فتوجهوا وأجّلتهم أجلا فاستوعبوا الأجل ، فأشفقت من مصيبتهم ولائمة الخليفة وضعف أميرهم ، فخرجت متوحدا حتى دخلت (٣) في الناحية التي أمرتهم بها ، فلم أجد لهم خبرا (٤) ، فعرفت أنهم أخبروا بغفلة أهل ناحية أخرى ، فتوجهوا إليها ، وكرهت أن أرجع ولم أستنقذهم مما هم فيه ، إن كان عدو يكاثرهم ، أو أعرف من خبرهم ما أسكن إليه ، فلم أجد أحدا يخبرني بشيء ، فمضيت حتى أقف على باب عمورية (٥) ، فأمره بفتح الباب ، ففعل وأدخلني فلما صرت إلى بلاطها ، وقفت وأمرت من يشد يدي إلى باب بطريقها ، ففعل ، ووافيت باب البطريق قد فتح ، وجلس لي ، ونزلت عن فرسي وأنا متلثم بعمامتي ، فأذن لي ، ومضيت حتى جلست على مثال (٦) إلى جانب مثاله ، فرحب وقرّب ، وقلت : أخرج من أرى فإني قد حملت إليك ، فأخرجهم وشددت عليه حتى غلّق باب الكنيسة وعاد إلى مجلسه ، واخترطت سيفي فضربت به على رأسه ، فقلت له : قد وقعت بهذا الموضع فأعطني عهدا حتى أكلّمك بما أردت حتى أرجع من حيث جئت لا يتبعني منك خلاف ، ففعل ، فقلت : أنا البطّال ، فاصدقني عما أسألك عنه ، وانصحني وإلّا أجزت (٧) عليك ، فقال : سل عما بدا لك ، فقلت : السرية ، فقال : نعم ، وافت البلاد غارّة لا يدفع أهلها يد بالأمس (٨) ، فوغلوا في
__________________
(١) الخبر في البداية والنهاية بتحقيقنا ٩ / ٣٦٤ وفيها : عبد الملك بن مروان وانظر تاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٠١ ـ ١٢٠) ص ٤٠٨.
(٢) راث خبره : «أبطأ» وفي البداية والنهاية : فغاب عنه خبرهم.
(٣) في المختصر ١٤ / ١٣٩ والمطبوعة : وغلت.
(٤) الأصل : خبر.
(٥) بعدها في المختصر والمطبوعة : فضربت بابها ، وقلت للبواب ، افتح لفلان سياف الملك ورسوله ، وكنت أشبه به ، فأعلم ذلك صاحب عمورية.
(٦) المثال : الفراش.
(٧) يعني أجهزت عليك.
(٨) كذا ، وفي المختصر ١٤ / ١٣٩ «يد لامس».