فبلغ ذلك عبد الله بن هاشم ، فكتب إلى معاوية من الجيش (١) :
معاوي إن المرء عمرا أبت له |
|
ضغينة صدر ودّها (٢) غير سالم |
ترى لك قتلي يا ابن هند وإنّما |
|
ترى ما يرى عمرو ملوك الأعاجم |
على انهم لا يقتلون أسيرهم |
|
إذا كان منهم منعة للمسالم |
وقد كان منا يوم صفّين وقعة (٣) |
|
عليك حناها هاشم وابن هاشم |
مضى (٤) من قضاء الله فيها الذي مضى |
|
وما قد مضى منها كأضغاث حالم |
هي الوقعة العظمى التي تعرفونها |
|
وكلّ على (٥) ما فات ليس بنادم |
فإن تعف عنّي تعف عن ذي قرابة |
|
وإن تسطوا بي (٦) تستحل محارمي |
فقال معاوية (٧) :
أرى العفو عن عليا معد (٨) وسيلة |
|
إلى الله في اليوم العبوس القماطر |
فبعث إليه معاوية فأخرجه من الحبس ، فحلف أن لا يخرج عليه ، فأحسن جائزته ، وخلّى سبيله.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن خسرو ، أنا أبو غالب محمّد بن الحسن بن أحمد ، أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أبو الحسين أحمد بن إسحاق بن نيخاب ، نا إبراهيم بن الحسين بن علي الكسائي ، نا يحيى بن سليمان ، حدّثني نصر بن مزاحم (٩) ، عن عمر بن سعد ، عن رجل ، عن أبي سلمة قال : لما قتل هاشم بن عتبة وثب ابنه عبد الله بن هاشم فأخذ الراية ، فقاتل مليا ، ثم أسر ، فأتي به معاوية وعنده عمرو بن العاص فقيل : هذا المختال بن المرقال قال : فقال له ابن هاشم : ما أنا بأول رجل خذله قومه ، وأدركه يومه ، فقال له معاوية : تلك أضغان صفين ، وما جنى عليك أبوك ، فقال عمرو : أيها الأمير ، ادفعه إليّ فأشخب
__________________
(١) الأبيات في الفتوح لابن الأعثم ٣ / ١٢٥ ووقعة صفين ص ٣٤٩.
(٢) الفتوح : حرها.
(٣) في وقعة صفين والفتوح : نفرة.
(٤) روايته في وقعة صفين :
قضى الله فيها ما قضى ثمت انقضى |
|
وما ما مضى إلّا كأضغاث حالم |
(٥) وقعة صفين والفتوح : على ما قد مضى غير نادم.
(٦) كذا بالأصل ، وفي الفتوح ووقعة صفين : وإن تر قتلي.
(٧) من أبيات في فتوح ابن الأعثم ٣ / ١٢٥.
(٨) الفتوح : قريش.
(٩) قارن مع وقعة صفين (ت. هارون) ص ٣٤٨ ـ ٣٤٩.