مدّ لك الله الحياة مدّا |
|
حتى (٢) يريك ابنك هذا جدّا |
ثم يفدّى مثل ما تفدّى |
|
كأنه أنت إذا تبدّى (٣) |
أشبه منك قامة وقدّا |
|
مؤزرا بمجده مردّا |
فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم.
أخبرنا أبوا (٤) الحسن ، قالا : نا ـ وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٥) ، نا القاضي أبو الطّيّب الطبري قال : نا المعافى بن زكريا ، نا محمّد بن القاسم الأنباري ، حدّثني أبي قال : قال منصور البرمكي :
كانت لهارون الرشيد جارية غلامية تصبّ على يده ، وتقف على رأسه ، وكان المأمون يعجب بها ، وهو أمرد ، فبينما هي تصبّ على هارون من إبريق معها والمأمون مع هارون قد قابل بوجهه وجه الجارية ، إذ أشار إليها بقبلة ، فزبرته بحاجبها ، وأبطأت عن الصبّ في مهلة ما بين ذلك ، فنظر إليها هارون فقال : ما هذا؟ فتلكّأت عليه ، فقال : ضعي ما معك ، عليّ كذا إن لم تخبريني لأقتلنك ، فقالت : أشار إلي عبد الله بقبلة ، فالتفت إليه ، وإذا هو قد نزل به من الحياء والرعب ما رحمه منه ، فاعتنقه وقال : أتحبّها؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، فقال : قم فادخل بها في تلك القبة ، فقام ففعل ، فقال له هارون : قل في هذا شعر ، فأنشأ يقول :
ظبي كتبت بطرفي |
|
عن الضمير إليه |
قبّلته من بعيد |
|
فاعتلّ من شفتيه |
__________________
(١) الخبر في تاريخ بغداد ١٠ / ١٨٩ والبداية والنهاية بتحقيقنا ١٠ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥.
(٢) البداية والنهاية : حتى ترى.
(٣) عن المصدرين السابقين ، وبالأصل : ابتدا.
(٤) بالأصل : «أبو» والصواب ما أثبت ، والسند معروف.
(٥) تاريخ بغداد ١٠ / ١٨٥ ورواه السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ٣٨١ ـ ٣٨٢.