أخبرنا أبوا (١) الحسن ، قالا : نا ـ وأبو النجم ، أنا أبو بكر الخطيب (٢) ، أخبرني الخلّال ، حدّثنا يوسف بن عمر القوّاس ، نا أبو العبّاس محمّد بن عبّاس بن حزام بن (٣) حاجب المقتدر ، نا أبو عيسى الهاشمي ، حدّثني أبي قال : كنت بحضرة المأمون ، فأحضر رجلا فأمر بضرب عنقه ، وكان الرجل من ذوي العقول ، فقال ليحيى بن أكثم : إنّ أمير المؤمنين قد أمر بضرب عنقي ، وإنّ دمي عليه لحرام ، فهل له (٤) في حاجة أسأله إيّاها لا تضرّ بدينه ولا مروءته؟ ، فإذا فعل ذلك فهو في حلّ من دمي ، فأظهر المأمون تحرجا فقال ليحيى بن أكثم : سله عنها ، فقال الرجل : يضع يده في يدي إلى الموضع الذي يضرب فيه عنقي ، فإذا فعل ذلك فهو في حلّ من دمي ، فقام المأمون من مجلسه وضرب بيده إلى يد الرجل ، فلم يزل يخبره وينشده ويحدّثه ، حتى كأنه من بعض أسرته (٥) ، فلما أن رأى السيّاف والسيف والموضع الذي يكون فيه مثل هذه الحال ، انعطف فقال لأمير المؤمنين المأمون : بحق هذه الصحبة والمحادثة لما عفوت؟ فعفا عنه ، وأجزل له الجائزة.
قال (٦) : وأنا الحسن بن الحسين النعالي ، نا أحمد بن نصر الذارع ، نا أبو محمّد إبراهيم بن إدريس المؤدب ، نا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : وقف رجل بين يدي المأمون ـ قد جنى جناية ـ فقال : والله لأقتلنك قال : يا أمير المؤمنين تأنّ عليّ ، فإن الرفق نصف العفو ، فقال : وكيف وقد حلفت لأقتلنك ، فقال : يا أمير المؤمنين لأن تلقى الله حانثا خير لك من أن تلقاه قاتلا ، قال : فخلّى سبيله.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطّار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، نا عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، نا زكريا بن يحيى المنقري ، نا موسى بن سعيد بن سالم (٧) ، عن أبيه قال :
قال المأمون : لوددت أن أهل الجرائم غرفوا رأي في العفو ليذهب الخوف عنهم ، ويخلص السرور إلى قلوبهم.
__________________
(١) الأصل : «أبو» والصواب ما أثبت ، والسند معروف.
(٢) تاريخ بغداد ١٠ / ١٩٠ ـ ١٩١.
(٣) «بن» ليست في تاريخ بغداد.
(٤) تاريخ بغداد : «فهل لي».
(٥) تاريخ بغداد : حتى كأنه بعض من آنس به.
(٦) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٠ / ١٩١ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٧٩.
(٧) كذا بالأصل ، وفي المطبوعة : «سلم» وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٧٩.