أتتك حرّى عقيد الملك أرملة |
|
بغى عليها ـ فلم تقوى به ـ أسد |
فابتزّ مني ضياعي بعد منعتها |
|
وفارق العزّ مني الأهل والولد |
وأنشأ المأمون مجيبا لها يقول (١) :
من دون ما قلت عيل الصبر والجلد |
|
وهاض من قولك الأحشاء والكبد |
هذا أوان صلاة الظهر فانصرفي |
|
وأحضري الخصم في اليوم الذي أعد |
المجلس السبت إن يقض (٢) الجلوس لنا |
|
ننضفك فيه وإلّا المجلس الأحد |
قال : فانصرفت ثم عادت في الوقت الذي أمرها به ، فلما نظر لها قال لها : من خصمك؟ فأومأت إلى ابنه العبّاس ، فقال المأمون لأحمد بن أبي خالد : أجلسه وإيّاها في مجلس الحكم ، ففعل ذلك ، فلما جلس جعلت المرأة تكلمه بكلام صحيح قال : فقال له ابن أبي خالد : تكلمين الأمير بين يدي أمير المؤمنين ، فقال له المأمون : اسكت لا أمّ لك ، فالحق أنطقها ، والباطل أسكته ، ثم أمر بردّ ضياعها عليها.
أخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت عبد الله بن محمّد الكعبي يقول : سمعت محمّد بن أيوب يقول : سمعت أحمد بن يوسف القاضي يقول :
قلت للمأمون : يا أمير المؤمنين ، إن رجلا ليس بينه وبين الله أحد ، يخشاه ، فحقيق أن يتقي الله عزوجل ، فقال المأمون : صدقت.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن عبّاد ، نا محمّد بن منصور قال :
دفع المأمون في رقعة (٣) متظلم من علي بن هشام : علامة الشريف أن يظلم من فوقه ، ويظلمه من هو دونه ، فأخبر أمير المؤمنين أي الرجلين أنت.
ووقّع في قصّة رجل تظلّم من بعض أصحابه : ليس من المروءة أن تكون آنيتك من ذهب وفضة ، وغريمك عار ، وجارك طاو.
__________________
(١) بالأصل : «يقول مجيبا» وفوق اللفظتين علامتا تقديم وتأخير.
(٢) الأصل : «يقضي» ، والمثبت عن العقد الفريد.
(٣) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن المختصر ١٤ / ١١٠.