أمير المؤمنين؟ فقال لها : هذا الرجل خلّف أربع بنات (١) ، قالت : نعم ، قال : فإنّ لهنّ الثلثين أربعمائة ، وخلّف والدة فلها السّدس مائة دينار ، وخلّف زوجة فلها الثمن خمسة وسبعون (٢) دينارا ، تالله ألك اثنا عشر أخا (٣)؟ قالت : نعم ، قال : أصابهم ديناران ديناران ، وأصابك دينار (٤) ـ رحمك الله ـ.
أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (٥) ، نا عبد الباقي بن قانع ، نا محمّد بن زكريا الغلّابي ، نا عثمان بن عمران العجيفي ، عن محمّد بن سعد ، حدّثني محمّد بن حفص الأنماطي قال :
تغدينا مع المأمون في يوم عيد ، قال : فأظنه وضع على مائدته أكثر من ثلاثمائة لون ، قال : فكلما وضع لون نظر المأمون فقال : هذا نافع لكذا ضار لكذا ، فمن كان منكم صاحب بلغم فليجتنب هذا ، ومن كان منكم صاحب صفراء فليأكل من هذا ، ومن غلبت عليه السوداء فلا يعرض لهذا ، ومن قصده (٦) قلة الغذاء (٧) فليقتصر على هذا ، قال : فو الله إن زالت تلك حاله في كلّ لون تقدّم إليه حتى رفعت الموائد فقال له يحيى بن أكثم : يا أمير المؤمنين ، إن خضنا في الطب كنت جالينوس في معرفته ، أو في النجوم كنت هرمس في حسابه ، أو في الفقه كنت علي بن أبي طالب في علمه ، أو ذكر السخاء كنت حاتم طيّىء في صفته ، أو صدق الحديث فأنت أبو ذرّ في لهجته ، أو الكرم فأنت كعب بن مامة في فعاله ، أو الوفاء فأنت السموأل بن عاديا في وفائه ، فسرّ بهذا الكلام وقال : يا أبا محمّد ، إنّ الإنسان إنما فضّل بعقله ، ولو لا ذلك لم يكن لحم أطيب من لحم ، ولا دم أطيب من دم.
قال (٨) : ونظر يوما إلى رءوس آنيته محشوة بقطن ، وكانت قبل ذلك بأطباق فضة ، فقال لصاحب الشراب : أحسنت يا بني ، إنما يباهي بالذهب والفضة من قلّا عنده ، وأما نحن
__________________
(١) في البداية والنهاية : «ابنتين وأمّا وزوجة» وفي تاريخ الخلفاء : ابنتين.
(٢) الأصل : «وسبعين» والصواب عن البداية والنهاية ، وتاريخ الخلفاء ، وسير أعلام النبلاء.
(٣) الأصل : «اثني عشر أخ» والصواب عن تاريخ الخلفاء وسير أعلام النبلاء.
(٤) الأصل : «دينارين دينارين ، وأصابك دينارا» والصواب ما أثبت عن تاريخ الخلفاء.
(٥) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ٩١ ومن طريق محمد بن حفص الأنماطي في تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٧٤ والمحاسن والمساوئ ص ٤٣٨.
(٦) الجليس الصالح : قصد.
(٧) عن الجليس الصالح وتاريخ الخلفاء ، وبالأصل والمطبوعة : الغداء.
(٨) الجليس الصالح الكافي ٣ / ٩١.