إسماعيل الحافظ ، نا محمّد بن إسحاق الثقفي ، نا محمّد بن سهل بن عسكر قال (١) :
وقف المأمون يوما للأدب ، ونحن وقوف بين يديه ، إذ تقدم إليه رجل غريب بيده محبرة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، صاحب حديث منقطع
به فقال له المأمون : أيش تحفظ في باب كذا؟ فلم يذكر فيه شيئا ، فما زال المأمون يقول : حدّثنا هشيم ، ونا حجّاج بن محمّد ، وحدّثنا فلان حتى ذكر الباب. ثم سأله عن باب ثان فلم يذكر فيه شيئا ، فذكره المأمون ، ثم نظر إلى أصحاب فقال : أحدهم يطلب الحديث ثلاثة أيام ، ثم يقول : أنا من أصحاب الحديث ، أعطوه ثلاثة دراهم.
أنبأنا أبو علي الحداد ـ في كتابه ـ وأخبرنا عنه أبو المعالي عبد الله بن محمّد بن أحمد البزار عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا إبراهيم بن عبد الله ، نا محمّد بن إسحاق الثقفي ، قال :
سمعت محمّد بن سهل بن عسكر يقول :
شهدت المأمون بالمصّيصة وقام إليه رجل من أصحاب الحديث بيده محبرة فقال : يا أمير المؤمنين رجل من أصحاب الحديث قد انقطع به فقال : فوقف المأمون فقال : أيش تحفظ في كذا؟ قال : فسكت الرجل ، وقال : أيش تحفظ في باب كذا؟ فسكت الرجل ، فقال : أحدهم يكتب الحديث ثلاثة أيام ثم يقول : أنا صاحب حديث ، نا هشيم كذا ، وحدّثنا ابن عليّة كذا ، ونا حجاج الأعور كذا ، وحدّثنا فلان كذا ، حتى عدّ كذا حديثا ، ثم قال : أعطوه ثلاثة دراهم ، فأعطوه.
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر ، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن خلف بن بخيت (٢) الدّقّاق ، نا أحمد بن علي بن الأزرق المطيري ، أبو بكر الحافظ نا محمّد بن داود ، نا محمّد بن عون قال : سمعت ابن عيينة يقول (٣) :
جمع المأمون العلماء وجلس للناس ، فجاءت امرأة ، فقالت : يا أمير المؤمنين مات أخي وخلف ستمائة دينار ، أعطوني دينارا وقالوا : هذا نصيبك ، رحمك الله ، قال : فحسب المأمون ثم كسر الفريضة ثم قال لها : هذا نصيبك رحمك الله ، فقال له العلماء : كيف علمت يا
__________________
(١) الخبر من طريق السراج (أبو العباس محمد بن إسحاق الثقفي) في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٢١٠ ـ ٢٢٠) ص ٢٢٩ وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٧٥ وفوات الوفيات ١ / ٢٤٠ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٩١.
(٢) مهملة بدون إعجام بالأصل ، والصواب ما أثبت وضبط ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٣٤.
(٣) الخبر في البداية والنهاية بتحقيقنا ١٠ / ٣٠٢ من طريق ابن عساكر ، وفي سير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٧٧ من طريق محمد بن عون ، وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٣٧٤ من طريق ابن عيينة.