السيوف ، وترى لنفسها على الأنهار المشفوف ، وتخترق من مكللات الثمار الصفوف ، وتدور على سوف الغصون كالخلاخل (١) ، وتلتوي بها التواء اللسان المجادل ، ودولاب يحن الحنين الجوار ، ويضرم في القلب المشوق حرّ الأوار ، ويهيج لوعة الصب المغترب النازح الدار ، كما قيل في نعته : [من الهزج]
ودولاب إذا أنّ |
|
يزيد القلب أشجانا |
سقى الغصن (٢) وغناه |
|
فما يبرح نشوانا (٣) [١٧ ب] |
فما مضى من حين النزول إلّا القليل ، حتى عزم القاضي وصمم على الرحيل ، فأرسلت اليه كلاما خشنا (٤) ، وقلت : هذا الذي تفعله ليس حسنا ، فإن رحلت أقمت أنا بالبلد ، ثم لا يتبعك من غير جماعتك أحد ، فأخر بسبب ذلك الرحيل والمسير إلى ثلث الليل الأخير ، ثم ركبت ودخلت المدينة قاصدا جامعها الكبير ، ثم قصدت زاوية القطب الرباني سيدي الشيخ عبد القادر الكيلانيّ (٥) ، أعاد الله علينا من بركاته وأمدنا بمدده ، وفيها الآن جماعة باقية من ذريته وولده (٦) ، فتلقانا منهم الشيخان الفاضلان والشابان الكاملان الشيخ بركات والشيخ عبد القادر ولدا الشيخ العابد العالم العارف بالله تعالى الشيخ قاسم وأخوا شيخ الزاوية الآن صاحبنا الشيخ الكامل العالم العامل ذي الإخلاص والصفاء والصدق والوفاء الشيخ أبو محمد وفا ، فابتهجا بنا وأنزلانا بأعلى الزاوية في الرواق ، وكان الشيخ وفا قد خرج حينئذ
__________________
(١) وردت هذه الكلمة في (ع): «والخلاخل».
(٢) وردت في (م): «الروض».
(٣) البيتان في تاج المفرق ١ : ١٤٧ وفي رفع الحجب المستورة ١ : ١٣٧ بلا عزو.
(٤) وردت في (م) و (ع): «حسنا».
(٥) عبد القادر بن موسى بن عبد الله ، مولده في جيلان من وراء طبرستان والنسبة إليها جيلانيّ وكيلانيّ ، متصوف واعظ ، توفي سنة ٥٦١ ه ، ترجم له كثيرون منهم الذهبيّ في سير أعلام النبلاء ٢٠ : ٤٣٩.
(٦) ذكر الذهبيّ في ترجمته أنه لم يعقّب ولم يترك ولدا.