وذهاب الفجر الكاذب ، وإياب ضده المعاقب ، ذي الألقاب الغرّ والمناقب ، فوصلنا وقت الضحى الأعلى إلى منزل سراقب (١) ، وهو منزل رحيب ، ذو مرعى خصيب ، قد أخذ من الحسن والإحسان أوفر نصيب ، غير أنه كثير الطّرار والطراق ، جم اللصوص والسّراق ، فلما حان وقت الظهر وآن ، رحلنا قاصدين قرية زيتان ، فوصلناها ونزلنا بها : [من البسيط]
والشّمس تجنح للغروب مريضة |
|
والليل نحو مغيبها يتطلّع (٢) |
بمكان نضر المنظر حسن المخبر يدور به النهر الواصل من جهة حلب ، وهو في العذوبة والخفة غاية ما يطلب ، فصادفت الخواطر فيه مرتعا والبهائم مرعى ومربعا ، وبتنا به تلك الليلة وهي ليلة الأربعاء ثم نسخ الهجوع الهجود ، وانتهى المقام مع انتهاء قيام نبي الله داود ، فأزمعنا على السرى وعزمنا على رفض الكرى ، فسلكوا بنا طريقا عسرا عسرا (٣) ، ودربا (٤) بعيدا محجرا ، وسبيلا وعرا مضجرا ، متعدد التهائم والنجود ، متزايد [٢٢ ب] الهبوط والصعود ، حتى تعبت الرجال والخيل ، وولّى الليل مشمّر الذيل ، وبرق من الفجر نوره ، ولاحت من الصباح تباشيره ، وتتابعت راياته في الأفق الشرقي حتى : [من الطويل]
كأن سواد الليل والصبح (٥) طالع |
|
بقايا مجال (٦) الكحل في الأعين الزّرق (٧) |
__________________
(١) سراقب : منزل شمال المعرّة ذكره كبريت : «ضيعة لطيفة فيها خان ، وبها أبنية محكمة العمارة ومساجد وحمامات» انظر : رحلة الشتاء والصيف ٢٠٣.
(٢) البيت في تاج المفرق ٢ : ١٠.
(٣) وردت في (ع): «عشرا عشرا».
(٤) وردت في (ع): «ودرنا».
(٥) وردت في (م): «الفجر».
(٦) وردت في (ع): «محال».
(٧) البيت في الحلة السيراء (١ : ١٩٩) لتميم بن المعز ، وتاج المفرق ٢ : ٦٦ بلا عزو.