لو كان بالفلك الدوّار لم يدر |
|
أو كان بالماء لم يشرب من الكدر |
أو كان بالعيس ما بي يوم فرقتهم |
|
أعيت على السابق الحادي فلم يسر (١) |
وصحبت معي من الكتب النافعة في الأسفار بعض أجزاء وأسفار ، وخرجت من المدينة وقت الإسفار ، وصحبني جماعة من الأصحاب للوداع ، وأسرعنا في السير قبل أن يتكاثروا غاية الإسراع ، هذا والدموع لا ينحبس (٢) وبلها إلّا وأخلفه طلّها ، وكلما أفرغ ذنوبها امتلأ سجلها ، والجوانح (٣) لا يهمد وقد ضرامها ، إلّا وأخلفه (٤) حرّ أوامها ، ولا يخمد تأجج نيرانها إلّا وأردفه توهج دخانها ، والشوق بالأحشاء عابث وبجوانب الضلوع (٥) عابث ، والقلب من الضطراب أهوائه خافق ، وغراب البين ببعد الأحبة ناعق ، وسرنا سير مشمعل (٦) نطوي البيد كطي السجل ، [٦ ب] فوصلنا بعد تعالي الصباح وارتفاع الشمس قيد ثلاثة (٧) رماح إلى المنزل المقرر ، وهو قرية ابن فرفور دمّر ، وهي قرية كبيرة كثيرة الخيرات وافرة الغلات طيبة النبات ، فنزلنا بها بمرج لطيف ، بديع التدبيج والتفويف ، ذي عرف أعطر ، وربيع أزهر ، من عشب أخضر ، وأقحوان أصفر ، وشقيق أحمر ، وغير ذلك مما هو عجيب التلوين غريب التكوين ، وقد حفّ به من غالب جوانبه نهر بردى وهو أكبر أنهار الشّام وأكثرها مددا (٨) بل هو أصل
__________________
(١) البيتان في تاج المفرق ٢ : ٩٢ بلا عزو.
(٢) في (ع): «تنحبس».
(٣) في (ع): «الجوايح».
(٤) في (م) و (ع): «وأعقبه».
(٥) في (م) و (ع): «الظلوع».
(٦) المشمعل : السريع يكون في الناس والإبل. (لسان العرب ١١ : ٣٧٢).
(٧) وردت في جميع النسخ : «ثلاث» والصواب ما أثبتناه.
(٨) في (ع): «وأكثرها مددها».