الفصحاء والبلغاء
بإعجاز فصاحته وبلاغته غاية التعجيز ، وجعل العلماء ورثة الأنبياء ، فورّثوهم
العلم الفائق على الدّر والإبريز ، وعمّهم بتوفيقه لهداية عباده وخصّهم بالتقديم
والتبريز ، وأظهرهم على أسرار شريعته بما منحوا من صدق التصوير وحسن التمييز ،
وأظفرهم بآثار حكمته فلمحوا وجه الأمر والنهي والتجويز ، وأرشدهم لسلوك مجاز
حقيقته وأبهج بعموم كرمه المجاز منهم والمجيز [١٠٢ أ].
أحمده حمد من لم
يشهد سواه من بلوغ سنّ التمييز ، وأشكره شكر من غمرته نعمه وعطاياه من وقت النشأة
وإلى حين التجهيز ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، شهادة تنجي
مخلصها من فنون الهلكات ، وتحلّه من حصون النجاة في حرز حريز ، وأشهد أن سيّدنا
محمدا عبده ورسوله وحبيبه وصفيه وخليله المختص بجوامع الكلم ذات المعنى البسيط
واللفظ الوجيز ، صلىاللهعليهوسلم وعلى آله وأصحابه ما نسج ديباج المعاني على منوال البيان حللا بديعة
التفويف والتطريز ، أمّا بعد :
فالمسؤول من فضل
مولانا البر الإمام الأفضل ، والبدر التمام الأكمل ، والبحر الطّام الذي هو مع
أمنه البارد العذب ، والحبر الهمام الذي هو للأحبار رأس وغيره كعب ، ذي الحسب
الصميم الظاهر ، والنسب الكريم الطاهر ، والجلال الباهي الباهر ، والجمال الزاهي
الزاهر ، والكمال المتجلّي في أعلى كمالات المظاهر ، والفضل الذي تطفّل الفاضل [١٠٢
ب] على موائده ، واستسقى من نمير موارده ، والبيت الذي نمي على قواعد الدّين بل نمي
الدّين على قواعده ، فقام على أرفع أركان وأثبت أساس ، كيف وبانيه عمّ النبي صلىاللهعليهوسلم أبو الفضل العبّاس ، فهو ابن عمّ من ختمت به الرسالة والنبوّة وعمته بركة العمومة
الزاكية والبنوّة ، فعمرت باطنه
__________________