وظاهره ، وغمرت وارداته وخواطره ، فبرز في سماء الكمال بدرا منيرا ، وظهر من فحول العلماء ملكا مهيبا وسيّدا كبيرا ، وبلغ في فنون العلوم قصب السبق عند النضال ، وصال في ميادين البلاغة الواسعة الشاسعة وجال ، مظهرا ما اختفى على غيره من غوامضها ومجلّيا ، ومطرزا من إبريز ألفاظه الرائقة حللها ومحلّيا ، فما من إمام وإن تقدّم عصره إلّا وتأخر عنه مصلّيا ، وتقدّم بين يديه (خاضعا و) (١) مسلّما : [من الكامل]
تلك المكارم لا أرى متأخرا |
|
أولى بها منه ولا متقدّما (٢) |
قد غمر ألباب الفصحاء ببحر بيانه الزاخر ، وسخر بها حين سحرها بسحره الحلال ، فنادته يا أيها الساحر يا أيها الساخر ، ونهض برهانا جليّا ودليلا قويا [١٠٣ أ] على كم ترك الأول للآخر ، من جمع الله له بين العلم والعمل ، ومنحه من كل فضل فوق بلوغ الأمل ، ووهبه مع شرف الذات شرف الخصال وخصال الشرف ، وجعل شرفه في الخير حجّة على من قال لا خير في الشرف : [من الكامل]
شرف يطلّ على السّماك (٣) وسؤدد |
|
كالصبح لا يسع العدا إنكاره (٤) |
مولانا السيّد الكريم ، والسند العظيم ، شيخ المسلمين بدر الدّين أبو الفتح عبد الرحيم العبّاسيّ الشّافعيّ ، أدام الله تعالى إسباغ ظلاله ، وأصحبه التوفيق والتسديد في سائر أقواله وأفعاله ، التفضّل بإجازة ولد كاتب هذه الأحرف أبي الفضل أحمد
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٢) هذا البيت للسري الرفاء ، انظر : يتيمة الدهر ٢ : ١٢٢ ، ومعاهد التنصيص ٣ : ٢٨١.
(٣) البيت في تاج المفرق ١ : ٢٠٩ بلا عزو.
(٤) السّماك : نجم في السماء لا مع وهما سما كان : السماك الرامح والسماك الأعزل.