عقلنا نادّه تفلّت وتشرّد ، والقلب كلما آلمه القلق رفع عقيرته وأنشد : [من البسيط]
هل إلى أن تنام عيني سبيل |
|
إنّ عهدي بالنوم عهد طويل (١) |
وقد توارد على القلب تقلقان ، أنتجهما (٢) تحرقان ، وأوجبهما تشوقان ، أحدهما إلى الأهل والأولاد والأوطان (٣) ، والثاني إلى مشاهدة مالك الروح والجنان والفؤاد السيّد الكريم عبد الرحيم (٤) ، والثاني [٦٥ أ] أغلب وللأرق أجلب وللب أسلب ، إذ لا يقاس الشاهد بالغائب ، ولا يلتحق أفراد الجمع بقوة الواحد ، ولا الداني الدار بالبعيد المزار : [من الوافر]
وأبرح ما يكون الشوق يوما |
|
إذا دنت الخيام من الخيام (٥) |
وقد طال ذلك الليل مع قصره وعسعس ، وسألته عن صبحه فقال لو كان حيا لتنفس ، كما قال المنشد وهو ابن منقذ (٦) رحمهالله تعالى : [من الكامل]
ولربّ ليل تاه فيه نجمه |
|
قضيته سهرا فطال وعسعسا |
وسألته عن صبحه فأجابني |
|
لو كان في قيد الحياة تنفّسا |
__________________
(١) البيت في معاهد التنصيص ٤ : ٢٣١ منسوبا إلى إسحاق الموصليّ.
(٢) وردت هذه الكلمة في (ع): «التجا» وفي (م): «انتجا».
(٣) سقطت هذه الكلمة من (ع).
(٤) السيد عبد الرحيم بن عبد الرحمن العباسي (ت ٩٦٣ ه) ، تقدّم التعريف به في مطلع الرّحلة.
(٥) البيت مذكور في تزيين الأسواق ص ٣٢ بلا عزو ، وفي : الحلة السيراء (١ : ٥) وتاج المفرق (٢ : ١٥٤): «إذا دنت الديار من الديار».
(٦) أبياته في معاهد التنصيص ١ : ٢٦٥.