وذكر ابن النجار أنه قدم بغداد في جمادى الأولى من سنة ٥٥٣ وبقي فيها إلى حين وفاته ، وأنه شهد عند قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد الحديثي في شهر ربيع الآخر من سنة ٥٦٦ فقبل شهادته وولاه القضاء بحريم دار الخلافة ثم القضاء بربع سوق الثلاثاء وجرت أحكامه على السداد وقانون السلف من التسوية بين الخصوم ، وقال : «وكان قد جمع لنفسه معجما لشيوخه الذين كتب عنهم ، وأظنهم بلغوا ثمان مئة أو أكثر ، ولم يحدّث به. وكان ثقة صدوقا متدينا عفيفا نزها» (١). وقال ابن الدبيثي : «أجاز لي جميع ما يرويه في شعبان سنة أربع وسبعين وخمس مئة» (٢) ، وكان هذا المعجم من بين الكتب التي أجازه بها ، كما تدل طريقة التحمّل التي استعملها ابن الدبيثي عند النقل منه بقوله : «أنبأنا» و «أخبرنا».
كما ظهر من هذه النقول أنه كان ينقل من النسخة التي كتبها أبو المحاسن بخطه. ويشير الفهرس الذي عملناه لنقل المؤلف من هذا المعجم أنه من أكثر الموارد التي نقل منها ، فلعله سلخه أو كاد (٣).
وأكثر ابن الدبيثي من النقل عن معجم شيوخ أبي بكر محمد بن المبارك ابن مشّق المتوفى سنة ٦٠٥ ه ، قال ابن الدبيثي : «من أهل باب البصرة سمع الكثير في صباه بإفادة أبيه ، ثم بنفسه ، وحصّل الأصول ، وجمع الكتب ، وكان سماعه بعد الأربعين وخمس مئة ... وجمع الشيوخ وعمل لنفسه معجما. وكان مكثرا سماعا وشيوخا ؛ بلغني أن أثبات مسموعاته بلغت ست مجلدات» (٤). وهذا يشير إلى ضخامة المعجم الذي عمله ، كما تدل النقول أنه وقف على النسخة التي
__________________
(١) التاريخ المجدد ، الورقة ١١٣ ـ ١١٤ (باريس).
(٢) تاريخ ابن الدبيثي ٤ / الترجمة ٢١٦٢.
(٣) تنظر الصفحات ٤٨٤ ـ ٤٨٥ من المجلد الخامس.
(٤) تاريخه ٢ / الترجمة ٥٣٨.