المُقدَّمةُ
الحمد لله ربّ العالمين ، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على خير الأنام محمد المصطفى وآله الهداة المعصومين الأكرام . . وبعد . .
إنّ الإيمان بالمعاد يعدّ أحد أهم اُصول العقيدة الإسلامية وأركانها الأساسية الثابتة في القرآن الكريم والسنّة المطهرة ، فضلاً عن دلالة العقل السليم على ثبوت حقيقة المعاد وحتمية الحياة الآخرة .
ومن قبل اتفقت الشرائع السماوية جمعاء على تأصيل هذا المبدأ العقائدي ، وتحمّل الأنبياء والرسل ، في مختلف مراحل التاريخ ، المتاعب الجمّة والتحديات الكثيرة ، على طريق ترسيخه في نفوس أقوامهم .
إنّ التفكّر في خلق السماوات والأرض ، وخلق مفردات هذا الكون الفسيح ونظامه الكامل المنسجم ، يقودنا إلى الايمان بالقدرة العظيمة ، لبديع السماوات والأرض ، على إحداث النشأة الثانية ، كما أحدث النشأة الأُولى من العدم ، لأنّ من قدر على الابتداء فهو على الاعادة أقدر ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ ) (١) وعبّر أمير المؤمنين عليهالسلام عن ذلك بقوله : « عجبت لمن أنكر النشأة الآخرة ، وهو يرى النشأة الاُولى ! » (٢) .
وعليه فالموت ، ذلك القادم الذي سيحلّ بنا وشيكاً كما حلّ بمن قبلنا ، ليس هو العدم والفناء ونهاية قصة خلق الإنسان ، خليفة الله المكلّف بالعبودية والطاعة لله ،
__________________________
١) سورة الأحقاف : ٤٦ / ٣٣ .
٢) غرر الحكم / الآمدي ٢ : ٣٥ / ٣ ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت .