عن الامام الصادق عليهالسلام ، والذي يستوعب حقيقة المعاد بأكملها : سأل زنديق الامام الصادق عليهالسلام مستنكراً البعث : وأنّى له بالبعث والبدن قد بلى ، والأعضاء قد تفرقت ، فعضو ببلدة يأكلها سباعها ، وعضو باُخرى تمزّقه هوامها ، وعضو صار تراباً بني مع الطين حائط ؟
فقال عليهالسلام : « إنّ الروح مقيمة في مكانها ، روح المحسن في ضياء وفُسحة ، وروح المسيء في ضيق وظلمة ، والبدن يصير تراباً كما منه خلق ، وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزقته ، كلّ ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ، ويعلم عدد الأشياء ووزنها . . . فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور ، فتربو الأرض ، ثمّ تُمخَضوا مخض السقاء ، فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غُسِل بالماء ، والزبد من اللبن إذا مُخِض ، فيجتمع تراب كلّ قالب إلى قالبه ، فينتقل بإذن الله القادر إلى حيث الروح ، فتعود الصور بإذن المصوّر كهيئتها وتلج الروح فيها ، فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئاً » (١) .
ذهب جمهور الفلاسفة إلى أنّ المعاد روحاني ؛ لأنّهم لم يتمكّنوا من تعقّل عودة الأبدان على معاييرهم الفلسفية ، فقالوا : إنّ البدن ينعدم بصوره وأعراضه ، لقطع تعلّق النفس به ، فلا يعاد بشخصه تارة اُخرى ، إذ المعدوم لا يعاد ، والنفس جوهر باقٍ لا سبيل للفناء
__________________________
١) الاحتجاج / الطبرسي : ٣٥٠ .