وقد أعرضنا عن ذكر أقوالهم وآرائهم المختلفة مكتفين ببحث معاني الروح الواردة في التنزيل العزيز والسنة المطهرة ، وبذكر ما قيل في تجرد الروح عن ماهية المادة وصفاتها ، واستقلالها خالدةً بعد الموت رغم اضمحلال البدن وتلاشيه ، لما لهذا البحث من أثر في معرفة حقيقة المعاد .
غاية ما قيل في الروح : إنها ما يقوم به الجسد ، ويقوى على الإحساس والحركة والارادة ، ولفظها في اللغة يذكر ويؤنث (١) . وقد تكرّر ذكرها بهذ المعنى وغيره في آيات كثيرة مكية ومدنية ، وفي ما يلي نذكر بعضها مرتّبةً حسب معانيها ، مع ما جاء فيها من الحديث والأثر :
١ ـ الروح التي هي سبب الحياة : قال تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) (٢) وللمفسرين في هذه الآية عدة أقوال (٣) ، أظهرها أن المراد بها روح الحيوان التي بها قوام الجسد ، ويساعد على ذلك سبب النزول (٤) ، وبعض الحديث الوارد عن
__________________________
تفسير الرازي ٢١ : ٤٠ ـ ٥٣ ، روح المعاني / الآلوسي ١٥ : ١٥٥ ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، بحار الأنوار ٦١ : ١ ـ ١٥٠ ، دائرة معارف القرن العشرين / محمد فريد وجدي ٤ : ٣٤٠ ـ ٣٤٦ ـ دار الفكر ـ بيروت .
١) راجع : لسان العرب / ابن منظور ـ روح ـ ٢ : ٤٦٣ ـ ٤٦٤ .
٢) سورة الاسراء : ١٧ / ٨٥ .
٣) راجع : تفسير الرازي ٢١ : ٣٨ ، روح المعاني / الآلوسي ١٥ : ١٥٢ . ، مجمع البيان / الطبرسي ٦ : ٦٧٥ ـ دار المعرفة ـ بيروت ، الميزان / الطباطبائي ١٣ / ١٩٩ .
٤) راجع : مجمع البيان / الطبرسي ٦ : ٦٧٤ ، روح المعاني / الآلوسي ١٥ : ١٥٢ .