إلّا الظن الذي لا يُغني من الحق شيئاً ، قال تعالى : ( وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ) (١) وقال في موضع آخر : ( وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) (٢) .
وطالبهم بإقامة البرهان على إنكارهم ( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (٣) فما كان منهم إلّا شبهات ضعيفة وتخرّصات واهية (٤) ، أجاب عنها الكتاب الكريم بأجوبة شافية ، يستند بعضها إلىٰ البرهان العقلي الذي يؤكد ضرورة المعاد وحتمية الوعد الإلهي ، كما في قوله تعالىٰ حاكياً شبهتهم وراداً عليهم : ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) (٥) .
لقد أسهبت الأحاديث النبوية وأحاديث أهل البيت عليهمالسلام في وصف العالم الآخر ، وما فيه من الحشر والحساب والنعيم والعذاب ، وعلى نفس المستويات المذكورة في القرآن الكريم ، بل بتفصيل أكثر وتوضيح أوفر ، وسنقتصر في هذا المقام على ذكر بعض الأحاديث الدالّة على وجوب المعاد
__________________________
١) سورة الجاثية : ٤٥ / ٢٤ .
٢) سورة النجم : ٥٣ / ٢٨ .
٣) سورة النمل : ٢٧ / ٦٤ .
٤) سنذكر تلك الشبهات مع الرد عليها في الفصل الثالث .
٥) سورة فاطر ٣٥ / ٧٩ ـ ٨٠ .