مقدمة المركز
الحمد لله حَقَّ حمده . . والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده ، وعلى آله الأطهار الميامين ، وصحبه الخيار المنتجبين ، والتابعين لهم باحسان إلى يوم الدين . .
وبعد . .
فالمعاد ، أصل ثابت من أصول الاعتقاد ، لا في الإسلام وحده ، بل في سائر الأديان السماوية ، وهو الأصل الذي اقترن بالتوحيد والنبوة ، إذ صار الإيمان بالله وبرسله وكتبه داعياً إلى ضرورة الإيمان به ، فهو لازم التصديق بدعوات الأنبياء المشحونة بالنصوص القاطعة في إثباته ، وهو أيضاً لازم الوعد الإلهي بالثواب ، والوعيد بالعقاب ، وهما من لوازم التكليف ، ولوازم العدل الإلهي أيضاً ، ولوازم الهدفية والغائية في الحياة ، المنافية للعبث الذي لا محل له مع العدل والحكمة الإلهيين . . والقرآن يكشف عن هذا التلازم الأكيد في نصوص كثيرة ، من أكثرها وضوحاً قوله تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) ؟ [ المؤمنون : ٨٣ / ١١٥ ]
وقد واجه الكثير من البشر على امتداد
التاريخ هذه العقيدة بأسئلة بدائية ساذجة ، وما زالت ، رغم بدائيتها وسذاجتها ، مصدراً لشكوك الكثير ممن تردد في قبول هذا المبدأ أو أنكره . . تدور هذه الاشكالية حول إمكان عودة الجسد البشري بعد تفسّخه في الأرض ، أو توزّعه ذرات مفرّقة هنا وهناك . . ومنذ عصر التنزيل عالج
القرآن الكريم هذه الاشكالية بطرح البراهين الحسيّة التي تفتح الأذهان أمام أبسط أشكال القياس الذي تستسيغه العقول الفطرية ، وتدرك أهميته العقول الفلسفية ، وذلك في مثل قوله تعالى : ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ
خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ