الإعراب بعد التركيب ، وهو الظاهر من كلام الإمام عبد القاهر واعتبر المصنف مع وجود الصلاحيّة (١) حصول الاستحقاق بالفعل ، ولهذا أخذ التركيب (٢) في تعريفه ، وأما وجود الإعراب بالفعل (٣) في كون الاسم معربا ، فلم يعتبره أحد. ولذلك يقال : لم تعرب الكلمة(٤) وهي معربة.
وإنما عدل المصنف (٥) عما هو مشهور عند الجمهور من أن المعرب : ما اختلف آخره باختلاف العوامل ؛ لأن الغرض من تدوين (٦) علم النحو أن يعرف به أحوال أواخر الكلم (٧) في التركيب من لم يتتبع لغة العرب (٨) ، ولم يعرف أحكامها بالسماع منهم ، فإن العارف بأحكامها ، كذلك مستغن عن النحو ولا فائدة له معتدا بها في معرفة اصطلاحاتهم.
__________________
(١) لا حاجة هنا إلى ذكر الصلاحية ؛ إذ الاستحقاق بالفعل لا يتحقق بدون صلاحية الاستحقاق. (بخاري).
ـ فهنا أمور ثلاثة صلاحية استحقاق الإعراب ، وحصول استحقاق الإعراب ، ووجود الإعراب ، والأولان اعتبروا ، والأخيران لم يعتبره أحد في كون الاسم معربا ، فإن زيد في جاءني زيد معرب حال الوقف أيضا. (عيسى ألصفوي).
(٢) إذ به يحصل الاستحقاق بالفعل ، وأما وجود الإعراب بالفعل فلم يعتبره أحد ، والحاصل أن العلامة اعتبر الإعراب بالقوة البعيدة من الفعل والمصنف اعتبر بالقوة القريبة من الفعل. (عصمت).
(٣) مثل جاءني زيد بالرفع ، ورأيت زيدا بالنصب ، ومررت بزيد بالجر. (محرم).
(٤) قوله : (لم تعرب الكلمة ... إلخ) فيه أنه لم يوجد عند المصنف معرب هكذا ؛ لأنه لا يخلو معرب عن إعراب محقق أو مقدر ، إلا أن يقال : المراد سلب الإعراب بحسب الظاهر فيما إذا كان إعرابه لفظيا ولم يظهره المتكلم ، كما يقال : جاءني زيد ، ورأيت زيدا ، ومرت بزيد بالسكون من غير وقف ، فيقال حينئذ لم تعرب الكلمة وهي معربة. (عصمت).
(٥) أي : أعرض ؛ لأن العدول إذا تعدى ، يعني : يكون بمعنى الإعراض. (محرم).
ـ ولما ورد ههنا سؤال وهو أن المصنف في تعريف المعرب خالف الجمهور ، حيث لم يعرفه بما عرفوه به ، والمخالفة للجمهور من عين الخطأ ، فأجاب الشارح بقوله : (وإنما عدل ... إلخ). (توقادي).
(٦) أي : من جمع مسائله ، وتعيين موضوعه ، وبيان اصطلاحاته ، وكتبه في الكتب. (عصمت).
(٧) من حيث الإعراب والبناء ، والانصراف وعدمه ، والتام والناقص ، وغير ذلك. (م).
(٨) بأن كان عربيا ، وتعلم اصطلاحاتهم من آبائه وأجداده وفروعهم أو من قبيلتهم. (محرم).