وتقول في المثال الأخير : (إياك أن تحذف) بتقدير (من) أي : إياك من أن تحذف ؛ لأن حذف حرف الجر عن (أن ، وأنّ) قياس.
(ولا تقول) في المثال الأول (إيّاك الأسد) لامتناع تقدير (من) (١) وشذوذه مع غير (أن وأنّ)
فان قلت : فليكن بتقدير العاطف قلنا : حذف العاطف أشد شذوذا ؛ ؛ لأن حذف حرف الجر قياس مع (أن وأنّ) وشاذ (٢) كثير في غيرهما (٣).
وأما حذف العاطف فلم يثبت إلّا نادر (٤).
(المفعول فيه)
(المفعول (٥) فيه)
(هو ما فعل فيه فعل) أي حدث (مذكور) تضمنا في ضمن الفعل الملفوظ أو المقدر أو شبهه (٦) ، ...
__________________
(١) قوله : (ولا تقول : إياك الأسد لامتناع تقدير من) فإن قلت : تقدير من في مثل هذه الصورة غير ممتنع ؛ إذ لو كان ممتنعا لم يقع لكن وقع فلا يمتنع. أما بيان الوقوع أنّه جاء في كلام العرب ، كقول أبي إسحاق :
وإياك إياك المراء فإنّه |
|
إلى الشر دعاء وللشرّ جالب |
ـ تقديره : إياك إياك من المراء ، وحذف (من) في من المراء فكذلك جوز حذفها من الأسد على تقدير : إياك من الأسد في قولك : إياك والأسد. قلنا : أجيب عنه بوجوه : الأول : أنه من ضرورات الشعر ، وكلامنا من السعة والاختيار. الثاني : أنه على خلاف القياس واستعمال الفصحاء ، ومثل هذا مردود ولا يكون حجة. الثالث : أن المراء مصدر بمعنى : أن يماري ، فحمل المراء على أن تماري في جواز حذف من لكون أن المراء بمعنى أن تماري ، فكما يجوز حذف (من) من أن تماري فكذلك من المراء فإذا احتمل الوجوه المذكورة فليست بحجة ؛ إذ لا يجوز إثبات القاعدة بالمحتملات (قطب الكيلاني).
(٢) كقوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً)[الأعراف : ١٥٥] (رضا).
(٣) أي : في غير المفعول فيه والمفعول به ؛ فإن حذف اللام فيهما شاذّ (رضي).
(٤) كما قال أبو علي في قوله تعالى : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ، قُلْتَ)[التوبة : ٩٢] أي : وقلت (وجيه الدين).
(٥) ولما فرغ ممن بيان المفعول به بجميع أنواعه وأحكامه ، شرع أن يبين المفعول فيه فقال (عوض أفندي).
(٦) نحو : ضارب عمرا يوم الجمعة ، ونحو : يوم الجمعة في جواب من قال ، أي : وقت أنت ضارب ، وتقديره: أنا ضارب يوم الجمعة (شرح).