وأين الدلالة (١) من الإرادة؟ ولما فرغ من بيان حد الاسم أراد أن يذكر بعض خواصه ليفيد زيادة معرفة به ، فقال : (ومن خواصه) (٢) منبها بصيغة جمع الكثرة على كثرتها وب (من) التبعيضيّة ، على أن ما ذكره بعض منها.
وهي : جمع خاصّة ، وخاصّة الشيء ما يختص به ولا يوجد في غيره وهي ، إما شاملة لجميع أفراد ما هي خاصة (٣) له كالكاتب بالقوة للإنسان ، أو غير شاملة (٤) كالكاتب بالفعل له ، فمن خواص الاسم (دخول اللام) أي : لام التعريف (٥) ، ولو قال : دخول حرف التعريف لكان شاملا (٦) للميم في مثل : قوله عليهالسلام (ليس من امبر أمصيام ، في أمسفر) لكنه لم يتعرض له لعدم شهرته (٧) وفي اختياره اللام وحدها
__________________
(١) قوله : (أين الدلالة من الإرادة) يعني بينهما فرقا ، فإن الدلالة فهم المعنى من اللفظ ، سواء كان مرادا أو لا ، بخلاف الإرادة فإن كون المعنى مرادا مقصودا من اللفظ كلفظ العين المشترك إذا أريد أحد معانيه ، فإنه يدل على جميع معانيه مع أن المراد واحد معين منها. (وجيه الدين).
قوله : (وأين الدلالة من الإرادة) إذ الدلالة وصف الكلمة والإرادة وصف المتكلم ، ولا يتصور أن يريد المتكلم الحال أو الاستقبال مع إرادة الآخر ، بخلاف الكلمة فإن يضرب مثلا يدل على الحال والاستقبال ما لم يخص بالقريبة بأحدهما. (جلبي).
(٢) خبر قدم للاهتمام به أو للقصر ، أو مبتدأ كما قال صاحب الكشاف في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا)[البقرة : ٨].
(٣) ويقال لها عرض لازم ؛ لأنه يمتنع انفكاكه عن الماهية. (ح).
(٤) ويقال لها عرض مفارق حيث لا يمتنع انفكاكه عن الماهية. (م).
(٥) احترز به عن لام الأمر ولام الابتداء ولام التأكيد ، فإنها تدخل على الفعل ، فكان اللام فيها بدل عن المضاف إليه وللعهد الخارجي وللذهني ، والتفسير بيان للواقع لا بيان لما استعمل اللفظ فيه. (عصمت عبد الغفور).
(٦) أجيب عن هذا بأن الميم داخل في اللام ؛ لأنها بدل عن اللام ، كما صرح في بحث الإبدال. (مصطفى جلبي).
في لغة حمير وهي قبيلة من طيء ، لما قال حميري لرسول الله عليهالسلام : أمن أمبر أمصيام في أمسفر؟ قال عليهالسلام في جوابه : «ليس من امبر امصيام في امسفر» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٩ / ١٧٢ (٣٨٧). ولكان شاملا لحرف النداء أيضا ، والأولى أن يتعرض له أيضا ، وقيل : لم يتعرض له الظهور اختصاصه بالاسم عقلا ، وإما ؛ لأنه ليس للتعريف مطلقا مع قصد. (بخاري).
(٧) أي : تعريف الحرفية بخلاف لام الموصولة في نحو الضارب المضروب ؛ لأن اللام الموصول لا تدخل إلا على فعل في صورة الاسم. (الداشكندي).