فإنه وإن لم يستعمل مصدرا إلا أنه على وزن (قوقاة) مصدر (قوقى) أو عن المصادر التي كانت في الأصل أصواتا نحو : (صه (١) ومه) أو عن الظروف أو عن الجار والمجرور نحو : (أمامك زيدا) ، و (عليك زيدا) فليس لشيء منها الدلالة على أحد الأزمنة الثلاثة ، بحسب الوضع الأول ، وخرج عنه الأفعال المنسلخة عن الزمان نحو : (عسى (٢) وكاد) لاقتران معناها به بحسب أصل الوضع ، وخرج عنه المضارع أيضا ، فإنه على تقدير اشتراكه بين الحال (٣) والاستقبال (٤) يدل على زمانين معينين من الأزمنة الثلاثة فيدل على واحد معين أيضا في ضمنهما ؛ إذ لا يقدح في الدلالة على واحد معين الدلالة على ما سواه (٥) ، نعم يقدح في إرادة المعين إرادة ما سواه ، ...
__________________
ـ قربا ، وغير ذلك. (أظهار مع الشرح). قيل : رويد مصغرا روادا مصدر أرود بمعنى أرفق بعد الترحيم بهذا الهمزة والألف ، واستعمل أرواد رويد بمعنى أرفق رفقا صغيرا قليلا. (عصمت).
(١) بالسكون أو صه بالتنوين فإنه في الأصل صوت ، ثم استعمل في معنى المصدر أعني السكوت ، ثم جعل اسم بمعنى اسكت. (حلبي).
ـ كالحروف ؛ لأن الفعل وإن دل على معنى في نفسه إلا أن ذلك المعنى مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ، فتم حد الاسم جمعا ومنعا. (محرم).
(٢) فإن الأفعال المنسلخة في أصل الوضع دالة على المعنى المقترن بالزمان ، إلا أنها انسلخت عنها لتدل على مطلق القرب ، وأفعال المدح والذم فإنها أيضا دالة على معنى مقترن بالزمان الماضي إلا أنها انسلخت عنه لقصد ملازمة الدوام في المدح والذم ، وليكون المدح والذم مطلقا بحيث لا يقترن بالزمان ، وكذا أفعال التعجب. (توقادي).
(٣) بأن لم يثبت استعماله مصدرا إلا أنه يشبهه المصدر بأن يكون على وزنه نحو ههيات ، على وزن قوقات. (بخاري).
اعلم أن العلماء اختلفوا في المضارع فقال بعضهم : حقيقة في الحال ومجاز في الاستقبال ، وقال بعضهم : إنه حقيقة في الاستقبال ومجاز في الحال ، وقال الآخرون : إنه مشترك بينهما ، هذا أرجح من الأولين لأنه في كثير من المواضع في القرآن العظيم مشترك بين الحال والاستقبال ؛ لأن لفظ المشترك في معنيين حقيقة فيهما ، موضوع لكل فهو أصل الوضع لأحد الأزمنة الثلاثة معينا ، وكذا في الاستقبال ، والتباس ذلك المعين لا يخل بكونه لأحديهما معينا. (شيخ رضي).
(٤) أي غير المعنى المعين ، فالمعنى المعين هو الحال والاستقبال معا ، وغيره واحد منهما بين معين. (محرم).
(٥) هذا جواب ناشئ من قوله : (إذ لا يقدح إلى ... إلخ) وهو أنه علم لا يقدح في الدلالة على معنى الدلالة على ما سواه ، وهل يقدح في إرادة الزمان المعين أرادهما سواء ، فأجاب بطريق التسليم. (محرم).