إنّ الحرف يدلّ على معنى في غيره (١) ، وإذا عرفت هذا (٢) ، علمت أنّ المراد (٣) بكينونة (٤) المعنى في نفسه استقلاله بالمفهومية ، وبكينونة المعنى ، في نفس الكلمة ؛ دلالتها عليه من غير حاحة إلى ضمّ كلمة أخرى إليها لاستقلاله بالمفهوميّة (٥) ، فمرجع كينونة المعنى في نفسه وكينونته في نفس الكلمة ، الدالة عليه إلى أمر واحد وهو ، استقلاله بالمفهوميّة.
ففي هذا الكتاب (٦) ، الضمير المجرور في (نفسه) ، يحتمل أن يرجع إلى (ما) الموصولة التي هي عبارة عن الكلمة وهذا هو الظاهر ، ليكون على طبق ما سبق في وجه
__________________
ـ بغيرها متعلقاتها ، ويكون معنى الحرف فيها أن يكون متعقلا باعتبارها وبملاحظتها. (عصمت).
ـ وليوافق بالضمير الذي قبله ، وهو ضمير دل ؛ ولأنه لا يحتاج حينئذ إلى حرف كلمة في عن معناها الحقيقي. (عصمت).
(١) يعني أن لفظة من مثلا لا تدل على معنى حاصل في نفسها ، بل إنما تدل على معنى في غيرها كالسير والبصرة ، يعني تدل على أن ابتداء السير من البصرة ، حيث كان السير حالا والبصرة محلا. (محرم أفندي).
(٢) قوله : (وإذا عرفت هذا) أي : إذا عرفت أن بعض المفهومات يكون ملحوظا في ذاته ، وملتفتا قصديا ، ولا يحتاج تعقله إلى تعقل أمر آخر ، ولا يحتاج أيضا اللفظ الدال عليه إلى انضمام لفظ دال على أمر آخر معه ، وهو معنى مستقل بالمفهومية ، وهو معنى الاسم ، وبعض آخر من المفهومات يكون ملحوظا باعتبار أنه آلة الملاحظة أمر آخر ، وملتفت بطفيليته ويحتاج إلا للفظ الموضوع بإزائه في الدلالة عليه إلى انضمام اللفظ الدال على ذلك الأمر معه معنى غير مستقل بالمفهومية ، وهو معنى الحرف علمت أن المراد ... إلخ.(عصمت أفندي).
(٣) قوله : (أن المراد ... إلخ) وقد علمت أيضا أن المراد بكينونة في غيره عدم استقلاله بالمفهومية ، واحتياج الدال عليه إلى انضمام كلمة أخرى معه ليدل عليه ، ولم يلفت إليه ؛ لأن البحث في تحقيق مفهوم الاسم ، وإن كان قوله : (وبما سبق من التحقيق إلخ) يستدعي ذكره. (عصمت).
(٤) بناء على تقدير إرجاع الضمير إلى الموصول الذي هو عبارة عن الكلمة. (توقادي).
(٥) المرجع يكون مصدرا ميميا واسم مكان ، فإن الأول يستعمل ب (إلى) كما في هذا الكتاب ، والثاني يستعمل بلا إلى فيقال : مرجع الجور الفناء ، أي : مجلة ومخرة ، ويقال : مرجع الجور إلى الفناء أي : رجوعه إليه. (مصطفى جلبي).
ـ وهو قوله : (لأنها إما أن تدل على معنى في نفسها) بتأنيث الضمير. (علي رضا).
(٦) ولما فرغ من بيان أن يكون الضمير المجرور تارة راجعا إلى ما الموصوفة ، وأخرى إلى المعنى ، وبيان أن لا فرق بينهما في المآل ، وهو الاستقلال بالمفهومية كما سبق ، بل الفرق بينهما ليس إلا في التوجيه ، أورد ههنا بيان الأولى وأليق منها فقال : بالفاء المفيدة للتفصيل. (توقادي).