وفي الآية مانع آخر عن حمل (إلا) على الاستثناء ، وهو أنه لو حملت عليه صار المعنى : لو كان فيهما الهة مستثنى عنها الله لفسدتا.
وهذا لا يدل إلا على أنه ليس فيهما آلهة مستثنى عنها الله (١) ، وبهذا لا يثبت وحدانية الله تعالى ، لجواز أن يكون حينئذ فيهما آلهة غير مستثنى الله عنها ، بخلاف ما إذا كانت للصفة بمعنى (غير) ، فإنه يدل على أنه ليس فيهما آلهة غير الله.
وإذا لم يكن فيهما آلهة غير الله يجب (٢) أن لا يتعدد الآلهة ؛ لأن التعدد يستلزم المغايرة.
(وضعف) حمل (إلا) على (غير) (٣) (في غيره) أي : في غير جمع منكور غير محصور ، لصحة الاستثناء حينئذ.
ومذهب سيبويه : جواز وقوع (إلا) صفة (٤) مع صحة الاستثناء ، قال يجوز في قولك : (ما أتاني أحد إلا زيد) أن يكون (إلا زيد) صفة.
وعليه أكثر المتأخرين تمسكا بقوله (٥) :
وكل أخ (٦) ...
__________________
(١) لأنه إذا لم تفسد لزم أن يكون فيهما آلهة داخل فيها الله وهذا شرط محض (م).
(٢) قوله : (بحيث أن لا يتعدد الآلهة) أي : يجب أن لا يكون إله إلا الله ؛ لأن التعدد يستلزم المغايرة والمغايرة مستلزم للفساد وانتفاء اللازم مستلزم لانتفاء الملزومات كلها كما أن إثبات الملزوم مستلزم لإثبات لوازمه كلها (لاري).
(٣) أعني : ضعف إخراج إلا عن معناها الحقيقي الذي هو الاستثناء واستعمالها في المعنى المجازي الذي هو الحمل على غير (م).
(٤) إذا كانت تابعة لغير جمع منكور اه من غير ضعف (....).
(٥) أي : لقول عمرو بن معدي كرب وهو جاهلي لا يقول بفناء العالم قال أبو سعيد قال هذا البيت جاهلي لا يقر بالبعث وينكر فناء العالم ويجوز أنهما لا يفترقان ما دامت الدنيا باقية وإذا فنيت افترقا ويكون من قبيل إطلاق العام وإرادة الخاص (لباب).
(٦) أول البيت :
وكل قرينة قرنت بأخرى |
|
وإن ضمت بها يفترقان |
ـ والبيت يحتمل وجوها من الإعراب أحدها : أن يكون كل مبتدأ ومفارقة خبره وإخة وـ