المفعول المطلق (نحو : زيد قائم حقا) أي : حقّ حقا من حقّ يحقّ ، إذا ثبت ووجب.
ف : (حقا) مصدر وقع مضمون جملة ، وهي قوله : (زيد قائم) ولها محتمل غيره؛ لأنها تحتمل الصدق (١) والكذب ، ولا حق والباطل. (ويسمى) هذا النوع من المفعول المطلق (تأكيدا لغيره) ؛ لأنه (٢) من حيث هو منصوص عليه بلفظ المصدر يؤكد نفسه من حيث هو محتمل الجملة فالمؤكّد ـ اسم مفعول ـ من حيث اعتبار وصف الاحتمال فيه يغاير المؤكّد ـ اسم فاعل ـ من حيث انه منصوص عليه بالمصدر (٣). ويحتمل أن يكون المراد : أنه تأكيد لأجل غيره ، ليندفع الاحتمال ، وعلى (٤) هذا ينبغي أن يكون المراد بالتأكيد لنفسه أنه تأكيد لأجل نفسه ، ليتكرر (٥) ويتقرر حتى يحسن التقابل.
__________________
ـ وعلى التقديرين يجب حذف فعله بمقتضي الضابطتين ، فالأخص أن يجمع كلتا الضابطتين ويقال : منها ما وقع مضمون جملة محتمل غيره ولا محتمل غيره ، قلت : نعم لكن لما كان المتأخرون جعلوا ما كان مضمون جملة لا محتمل لها غيره مسمى باسم خاص وهو تأكيد لنفسه ، وما كان مضمون جملة لها محتمل غيره مسمى باسم آخر وهو تأكيد لغيره ، أوردهما في الضابطتين للتصريح باسميهما. (عصمت).
(١) الصدق مطابقة الخبر للواقع ، والكذب عدم مطابقة الخبر للواقع ، والحق مطابقة الواقع للخبر ، والباطل عدم مطابقة الواقع للخبر فافهم ، وتفصيله في المعاني فتأمل ، ولا تنم في الليل ، ولا تمشي في الأسواق إن كنت طالب العلم الحق. (لمحرره رضا).
(٢) قوله : (لأنه من حيث هو ... إلخ) ومدفوع عند احتمال غيره من حيث أنه يحتمل الجملة غير المنصوص عليه ، فالمؤكد باعتبار وصف الاحتمال ، والمؤكد باعتبار وصف منصوصية ، فيكون مؤكد الغيره بالاعتبار ، وإلا فهو في الحقيقة مؤكد لنفسه ؛ إذ لو لم يكن كذلك لم يكن المؤكد مؤكد ؛ لأن معنى التأكيد تفويت الثابت بالتكرار ، وإذا لم يكن الشيء ثابتا فكيف تقوى ، وإذا كان ثابتا فكرر ، وإنما يؤكد نفسه فقيام زيد من حيث أنه مضمون الجملة ومحتمله وغير منصوص. (وجيه الدين).
(٣) لأن المؤكد الذي هو القيام يدل على احتمالين الصدق والكذب ، والمؤكد لا يدل إلا على الحقيقة ، فكان المؤكد عاما والمؤكد خاصا فكانت المغايرة بينهما موجودا. (محمد أفندي).
(٤) ويتقر ما هو المقصود ، ولهذا سمي تأكيدا ؛ لكن أورد عليه فوات حسن التقابل فأشار إلى رفعه بقوله : (وعلى هذا). (م).
(٥) يعني : أن التأكيد قد يكون لمجرد تقرير نفسه من غير دفع احتمال الغير ، وقد يكون لتقرير نفسه بدفع احتمال الغير فحسن المقابلة. (وجيه الدين).