(ومنها ما وقع مثنى) (١) أي : على صيغة (٢) التثنية وإنّ لم يكن للتثنية بل للتكرير والتكثير (٣) ، ولا بد من تتميم هذه القاعدة من قيد الإضافة ، أي : مثنى مضافا إلى الفاعل أو المفعول لئلا يرد مثل : قوله تعالى : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) [الملك : ٤](٤) أي : رجعا مكررا كثيرا ، وفي جعل (٥) المثالين من تتمة التعريف لإفادة هذا القيد تكلّف.
(مثل (٦) لبّيك) أصله : ألبّ لك إلبابين ، أي : أقيم لخدمتك وامتثال أمرك ، ولا أبرح عن مكاني إقامة كثيرة متتالية ، فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه وردّ إلى الثلاثي بحذف زوائده ، ثم حذف حرف الجر من المفعول ، وأضيف المصدر إليه ، فصار (لبيك).
__________________
(١) هذا النوع سماعي من جهة أن هذا المثنى على خلاف القياس ، فلا يخالف ما سمع من المثنى بهذا المعنى ، ولا يقاس عليه ما لم يسمع ، وقياسي من جهة أن كل ما جاء مثنى بهذا المعنى حذف فعله وجوبا من غير أن يحتاج إلى سماع. (نجم الدين).
ـ وإنما وجب الحذف في هذا القسم ؛ لأنهم جعلوا اللفظ الأول من التكرار نائبا مناب الفعل والقرينة كونه بمعنى الدعاء ؛ لأن الدعاء لا يكون إلا فعلا ، وقال الجوهري في باب التاء : والتثنية دليل النصب. (جلبي).
(٢) قوله : (أي : على صيغة التثنية) ولا يكون لحصول اثنين بل للكثرة ، حتى لو كان لحصول الاثنين لا يجب حذف فعل نحو : ضربته ضربتين. (وجيه الدين).
(٣) وإنما قلنا : للتكرار والتكثير ؛ احترازا من أن يقع المفعول المطلق مثنى لا للتكثير ، أي : من غير نظر إلى الكثرة ، بل بالنظر إلى المثنى فإنه لا يجب حذف الفعل نحو : ضربته ضربتين. (متوسط).
(٤) كأنه قيل : إن المفعول المطلق في هذه الآية وقع على صيغة التثنية للتكرار والتكثير ، ولم يحذف عامله الناصب له لا جوازا ولا وجوبا ، بل مذكور لفظا. (توقادي).
(٥) قوله : (لو في جعل المثال) من تتمة التعريف بجعل قوله : (مثل) صفة لقوله : (مثنى) لإفادة هذا القيد ، أي : قيد الإضافة تكلف ؛ لأنه مخالف لدأب المصنف في هذا الكتاب ، بل ليس هذا من دأب المصنفين مع أنه إذا اعتبر يكون قيد الإضافة إلى المفعول ، ولاستناد قيد الإضافة إلى الفاعل اللهم إلا أن يراد جنس الإضافة وذا تكلف آخر. (حلبي).
(٦) اعلم أن المصادر التي وردت التثنية وهي لبيك وسعديك وغيرهما ، الغرض منها التكثير لا معنى التثنية ، وإن ثني فتركيبه شبيه التثنية حالة النصب ، فإن قلت : ما الفرق بين التثنية حقيقة وبين التثنية المراد منها التكثير حتى يجب الحذف في الثاني دون الأول؟ قلت : هو أن في الثاني كان المصادر المكررة بصورها ، فحينئذ يمكن أن يوجد النائب ، بخلاف الأول فافهم. (عافية شرح الكافية).