بمضمون الجملة مصدرها المضاف إلى الفاعل أو المفعول ، وبأثره غرضه (١) المطلوب منه ، وبتفصيل الأثر : بيان أنواعه المحتملة ، نحو : قوله تعالى (٢) : (فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ) [محمد : ٤] أي : بعد شدّ الوثاق (وَإِمَّا فِداءً)(٣) فقوله : (فَشُدُّوا الْوَثاقَ) جملة مضمونها شد الوثاق ، والغرض المطلوب من شد الوثاق إمّا المنّ أو الفداء (٤) ، ففصّل الله سبحانه هذا الغرض المطلوب بقوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ،) أي : إمّا تمنون منّا بعد الشّدّ وإمّا تفدون فداء.
__________________
ـ الفعلية وما في حكمها ، وأما إذا كانت الجملة اسمية مثل زيد جسم أو حيوان أو إنسان ، فما مضمونها ؛ إذ ليس لها مصدر؟ قلت : يجوز في جميع الجمل أخذ المعنى المصدري باعتبار ارتباط مسندها بما أسند إليه بإلحاق الياء المصدرية بالمسند نحو : جسمية زيد ، أو حيوانية زيد ، أو إنسانية زيد في جسم زيد أو حيوان أو أنسان مثلا، أو المراد المعنى المصدري الذي استنبط من الجملة ، واعلم أن التعميم المفهوم من قوله : (مصدرها المضاف إلى الفاعل أو المفعول) إشارة إلى المصدر ينسب إلى الفاعل إذا كان مناط الفائدة التقييد بها ، نحو : أصحبت مع زيد في حديقة مسرورا ، إما ينفعه أو ينفك ، فإن مضمون الجملة هنا صحبة زيد في وقت السرور في الحديقة والنفع أثره. (عصمت).
(١) وإنما سمي أثرا ؛ لأن الغرض من الشيء يحصل بعد حصوله ، كالأثر يكون بعد المؤثر ، وإنما وجب حذف الفعل ههنا ؛ لأن فشدوا الوثاق لما كان متضمنا لفوائد من المن والاسترقاء والعقل يدل على الفعل المحذوف كلمة أما قائمة مقام الفعل ، ولهذا لم يجب الفعل فيما إذا لم يقع تفصيلا نحو : مننت منا لعدم كلمة أما.(وجيه الدين).
(٢) أول الآية (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)[محمد : ٤] فالفاء جوابية وشد أمر حاضر مبني على الوقف عند البصريين ، وعلامة الوقف هنا حذف نون الجمع ، والجملة فعلية لا محل لها ، جواب إذا في قوله : (حتى إذا أثختموهم) ، والوثاق منصوب له ، والفاء للتفصيل ، أما حرف ترديد ، منا منصوب مفعول مطلق بفعل مقدر وجوبا أي : تمنون ، والجملة فعلية لا محل لها تفصيل ، وبعد مبني على الضم ظرف للفعل المقدر عند السيرافي ، أو للمفعول مطلق عند سيبويه ؛ لقيامه مقام الفعل واو زائدة ، أو عاطف ، وفداء منصوب مفعول مطلق لفعل مقدر وجوبا أي : تفدون فداء.(خلاصة معرب).
(٣) والقرينة لحذفه الجملة المتقدمة ؛ لأن شد الوثاق يدل على تمنون ويفدون ؛ لأنهما يحصلان بسببه ، والمحصل قرينة المحصل. (جلبي).
(٤) أما القتل والاسترخاء والاستخدام فالحاصل في شدوا الوثاق فوائد أربع ، فوائد المن والفداء والقتل والاستخدام.