ولا أخطأهم من السيوف البواتر وائل ، وأمرنا في الحال بهدمها ، والتعفية على على ردمها ، فلم يبق بها نافخ ضرمه ، ولا أثر من نسمه ، ولا مدر على أكمه ، وأسر ابن عطاش رأس الجالوت ، وولي الطاغوت ، الذي كان ممن قال الله تعالى فيه : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) (١) فجعلناه وولده المقرون به مثلة للنظار ، وعبرة لأولي الأبصار ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا ، والحمد لله رب العالمين ، هذا الفتح المبين ، والعزة التي يتلألأ بها من الدهر الحين ، والنعمة التي تمت وعمت وأخنت بالنقمة على أعداء الله ورسوله وطمت ، وما ذاك إلا من بركات عقائدنا الناصعة ، في موالاة الدولة العباسية ، ظاهر الله مجدها ، وما يلتزمه في فرضها من فضل المناصحة والمشايعة فيها ، نحن نسطو بالأعادي ، ونكفي من اعتراض النوائب كل العوادي ، ونسوس الدهماء من الحواضر والبوادي.
وهذه البشرى ، التي يهنأ بها الإسلام ، وترفع بها من الاشادة بذكرها في الخافقين الأعلام (٨٤ ظ) أمرنا بنشرها في الأقصى والأدنى لا سيما الدار العزيزة (٢) ظاهر الله مجدها فإنها أولى من يبشر بمثلها ، ويهنأ ، وأهبنا بالأمير عز الدولة إلى ايصال هذه البشارة الى الديوان العزيز النبوي ، أعلى الله جده ، فندب من قبله من يقوم بهذه الخدمة ، ويعلمه ما نحن بصدده من الاعتراف بقدر هذه النعمة ، وهذا الأمير كان من المندوبين أولا وآخرا ، لمحاصرة هذه القلعة ، فأبلى فيها بلاء حسنا جميلا ، وأغنى غناء لم نجد له فيه عديلا ، ولذلك ما اختصصناه بهذه المزية ، وآثرناه بإبلاغ هذه البشرى الهنية ، والمعول تامّ على الاهتمام الوزيري ، في القائها إلى المقار المعظمة النبوية ، ليعلم من صدق نهضتها بالخدمات ، وعدنا المسعاة في إعزاز الدين من أوجب المهمات ، ما يزلفنا من شريف المراضي ، ويفرض لنا من المحامد والمآثر التامة على الأبد اكرم
__________________
(١) القرآن الكريم ـ القصص : ٤١.
(٢) دار الخلافة ، فالرسالة مرسلة إليها ، أو بالحري إلى وزيرها.