* (خامسها) : تحسين اللفظ ؛ كقوله تعالى : (بَيْضٌ مَكْنُونٌ) (الصافات : ٤٩) فإن العرب كانت [من] (١) عادتهم الكناية عن حرائر النساء بالبيض ، قال امرؤ القيس :
وبيضة خدر لا يرام خباؤها |
|
تمتّعت من لهو بها غير معجل (٢) |
وقوله تعالى (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) (المدثر : ٤) ومثله قول عنترة :
فشككت بالرّمح الطويل ثيابه |
|
ليس الكريم على القنا بمحرّم (٣) |
* (سادسها) : قصد البلاغة ، كقوله تعالى : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) (الزخرف : ١٨) فإنه سبحانه كنى عن النساء بأنهنّ ينشّأن في الترفّه والتّزيّن والتشاغل عن النظر في الأمور ودقيق المعاني ، ولو أتى بلفظ النساء لم يشعر بذلك ؛ والمراد نفي [حمل] (٤) ذلك ـ أعني (٥) الأنوثة ـ عن الملائكة ، وكونهم بنات الله ؛ [تعالى الله] (٦) عن ذلك. وقوله : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) (البقرة : ١٧٥) أي هم في التمثيل بمنزلة المتعجّب (٧) منه بهذا التعجب (٨).
* (سابعها) : قصد المبالغة في التشنيع ؛ كقوله تعالى حكاية عن اليهود لعنهم الله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) (المائدة : ٦٤) فإن الغلّ كناية عن البخل ، كقوله تعالى (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) (الإسراء : ٢٩) لأن جماعة كانوا متمولين ، فكذبوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم فكفّ الله عنهم ما أعطاهم ، وهو سبب نزولها (٩).
وأما قوله تعالى : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) (المائدة : ٦٤) فيحمل على المجاز على وجه الدعاء والمطابقة للّفظ ؛ ولهذا قيل : إنهم أبخل خلق الله ، والحقيقة أنهم تغلّ أيديهم في الدنيا بالإسار ، وفي الآخرة بالعذاب وأغلال النار. وقوله : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) (المائدة :
__________________
تجمعه الريح ثم يركبه السافي فإذا أصابه المطر ينبت نبتا ناعما يهتز وتحته الدّمن الخبيث والمعنى : لا تنكحوا المرأة لجمالها وهي خبيثة الأصل لأن عرق السوء لا يجب» انتهى.
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) البيت من معلقته «قفا نبك ...» انظر ديوانه ص ٣٨ (طبعة دار صادر).
(٣) البيت من معلقته «هل غادر الشعراء من متردم» انظر ديوانه ص ٢٦ (طبعة دار صادر).
(٤) ساقطة من المطبوعة.
(٥) في المخطوطة (على).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (التعجب).
(٨) في المخطوطة (العجب).
(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٣١.