النوع السابع والثلاثون
في حكم الآيات المتشابهات
الواردة في الصّفات (١)
وقد اختلف الناس في الوارد منها في الآيات والأحاديث على ثلاث فرق : (أحدها) أنّه لا مدخل للتأويل فيها ؛ بل تجرى على ظاهرها ، ولا تؤوّل شيئا منها ، وهم المشبّهة. (والثاني) أنّ لها تأويلا ، ولكنا نمسك (٢) عنه ، مع تنزيه اعتقادنا عن الشّبه والتعطيل ، ونقول : لا يعلمه إلا الله ؛ وهو قول السّلف. (والثالث) أنها مؤولة ، وأوّلوها على ما يليق به. والأول باطل ، والأخيران منقولان عن الصحابة ، فنقل الإمساك عن أم سلمة أنها سئلت عن الاستواء فقالت : «الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة» (٣). وكذلك سئل عنه مالك فأجاب بما قالته أمّ سلمة ، إلاّ أنه زاد فيها «أن من عاد إلى هذا السؤال عنه أضرب عنقه» (٤). وكذلك سئل سفيان الثوري فقال : [أفهم] (٥) من قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (طه : ٥) (٥) [ما أفهم من قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) (فصلت : ١١) وسئل الأوزاعيّ عن تفسير هذه الآية فقال : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)] (٥) كما قال ، وإني لأراك ضالا. وسئل [إسحاق] (٦) بن راهويه عن
__________________
(١) للتوسع في هذا النوع راجع مصادر النوعين السابقين.
(٢) في المخطوطة (ولكنا في غنا عنه).
(٣) الأثر أخرجه اللالكائي في كتاب «السنة» ٣ / ٣٩٧ في سياق ما روي في قوله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) ونص الرواية : (قالت : الكيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول ، والإقرار به إيمان ، والجحود به كفر).
(٤) قول الإمام مالك أخرجه اللالكائي في كتاب «السنة» ٣ / ٣٩٨ وليس في رواية اللالكائي الزيادة المذكورة «أن من عاد إلى هذا ...».
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) ليست في المطبوعة.