موضع الإعجاز من القرآن فقال : هذه مسألة فيها حيف (١) على [المفتى] (٢) ، وذلك أنه شبيه بقولك : ما موضع الإنسان من الإنسان؟ فليس للإنسان موضع من الإنسان ؛ بل متى أشرت إلى جملته فقد حققته ، ودللت على ذاته ، كذلك القرآن لشرفه لا يشار إلى شيء منه إلاّ وكان ذلك المعنى آية في نفسه ، ومعجزة لمحاوله ، وهدى لقائله ؛ وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله في كلامه وأسراره في كتابه ، فلذلك حارت العقول وتاهت البصائر عنده».
(العاشر) : وهو قول حازم (٣) في «منهاج البلغاء» : «إن الإعجاز فيه من حيث استمرت الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها (٤) في جميعه استمرارا لا توجد له فترة ، ولا يقدر عليه أحد من البشر ، وكلام العرب ومن تكلم بلغتهم لا تستمر الفصاحة والبلاغة في جميع أنحائها في العالي منه إلا في الشيء اليسير المعدود ، ثم تعرض الفترات الإنسانية ، فتقطع (٥) طيب الكلام ورونقه ، فلا تستمر لذلك (٦) الفصاحة في جميعه ، بل توجد في تفاريق وأجزاء منه ، والفترات في الفصاحة تقع للفصيح ، إما بسهو يعرض له في الشيء من غير أن يكون جاهلا به ، أو من جهل به ، أو من سآمة تعتري فكره ، أو من [٩١ / ب] هوى للنفس يغلب عليها فيما يحوش عليها خاطره ، من اقتناص المعاني سمينا كان أو غثّا ، فهذه آفات لا يخلو منها الإنسان الفاضل والطبع الكامل ، وهو قريب مما ذكره ابن الزّملكاني وابن عطية (٧)».
(الحادي عشر) : قال الخطّابي (٨) في كتابه ـ وإليه ذهب الأكثرون من علماء
__________________
(١) في المخطوطة (حرف).
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) هو الإمام حازم القرطاجني تقدم التعريف به وبكتابه في ١ / ١٥٥.
(٤) في المخطوطة (حالاتها).
(٥) في المخطوطة (فقطع).
(٦) في المخطوطة (يستمر كذلك) بدل (تستمر لذلك).
(٧) انظر مقدمة تفسيره المحرر الوجيز ١ / ٧١ ، نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن.
(٨) هو حمد بن محمد أبو سليمان الخطابي تقدمت ترجمته في ١ / ٣٤٣. وكتابه «بيان إعجاز القرآن» طبع بتحقيق د. عبد العليم ١٣٧٢ ه / ١٩٥٣ م دلهي ـ الهند ، وطبع بتحقيق عبد الله الصديق الغماري بدار التأليف في القاهرة عام ١٣٧٢ ه / ١٩٥٣ م ، وطبع بتحقيق محمد خلف الله ومحمد زغلول سلام بدار المعارف القاهرة عام ١٣٧٤ ه / ١٩٥٥ م (معجم المنجد ١ / ١٢٤ ، معجم مصنفات القرآن ١ / ١٥١ و ١ / ١٥٢).