[٨٨ / ب] أي عالم بما فيهما ، وقيل : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ) جملة تامة : (وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ) كلام آخر ، وهذا قول المجسّمة ، واستدلت (١) الجهمية بهذه الآية على أنّه تعالى في كل مكان ، وظاهر ما فهموه من الآية من أسخف الأقوال.
قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا) (٢) (الفجر : ٢٢) ، قيل : استعارة الواو موضع الباء لمناسبة بينهما في معنى الجمع ، إذ [الباء] (٣) موضوعة للإلصاق وهو جمع ، والواو موضوعة للجمع ، والحروف ينوب بعضها عن بعض ، وتقول عرفا : جاء الأمير بالجيش ، إذا كان مجيئهم مضافا إليه بتسليطه أو بأمره ، ولا شك أن الملك إنما يجيء بأمره على ما قال تعالى : (وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (الأنبياء : ٢٧) فصار كما لو صرّح به. وقال : جاء الملك بأمر ربك ، وهو كقوله : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ) (المائدة : ٢٤) أي اذهب أنت بربّك ، أي بتوفيق ربك وقوّته ، إذ معلوم أنه إنما يقاتل بذلك من حيث صرف الكلام إلى المفهوم في العرف.
قوله تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) (القلم : ٤٢) قال قتادة : عن شدة (٤) ، وقال إبراهيم النخعيّ : أي عن أمر عظيم ، قال الشاعر :
وقامت الحرب [بنا] (٥) على ساق (٦) وأصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناة وجدّ فيه ، شمّر عن ساقه ، فاستعيرت الساق في موضع الشدة.
__________________
اثني عشر كتابا على حسب تنوع مقالات المخالفين من الخارجين عن الملّة والداخلين فيها ، وآخره كتاب الإمامة تكلم في إثبات إمامة الصديق).
(١) في المخطوطة (واستدلت عليه الجهمية).
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) قول قتادة ذكره الطبري في تفسيره ٢٩ / ٢٤ عند تفسير سورة القلم الآية (٤٢).
(٥) سقطت من الأصول ، وهي تتمة لازمة.
(٦) تمام البيت :
صبرا أمام إن شرباق |
|
وقامت الحرب بنا على ساق |
ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٨ / ٣١٦ ضمن تفسير سورة القلم ، الآية (٤٢) ، وذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ١١٣ ضمن تفسير سورة القيامة ، الآية (٢٩).