وأغرب ما دخلت عليه «إذ» ، وذلك لشبهها بـ «أن» ، وأنشد أبو الفتح [من الكامل] :
١٨٨ ـ غضبت عليّ لأن شربت بجزّة ، |
|
فلإذ غضبت لأشربن بخروف (١) |
وهو نظير دخول الفاء في : (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) [النور : ١٣] ، شبّهت «إذ» بـ «إن» فدخلت الفاء بعدها كما تدخل في جواب الشرط ؛ وقد تحذف مع كون القسم مقدرا قبل الشرط ، نحو : (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام : ١٢١] ، وقول بعضهم : ليس هما قسم مقدّر وإن الجملة الاسميّة جواب الشرط على إضمار الفاء ، كقوله [من البسيط] :
١٨٩ ـ من يفعل الحسنات الله يشكرها |
|
[والشّرّ بالشّرّ عند الله مثلان](٢) |
مردود ؛ لأنّ ذلك خاصّ بالشعر ، وكقوله تعالى : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَ) [المائدة : ٧٣] فهذا لا يكون إلا جوابا للقسم ، وليست موطّئة في قوله [من الطويل] :
١٩٠ ـ لئن كانت الدّنيا عليّ ، كما أرى |
|
تباريح من ليلى فللموت أروح (٣) |
وقوله [من الطويل] :
١٩١ ـ لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا |
|
أصم في نهار القيظ للشّمس باديا (٤) |
وقوله [من البسيط] :
١٩٢ ـ ألمم بزينب إنّ البين قد أفدا ، |
|
قلّ الثّواء لئن كان الرّحيل غدا (٥) |
بل هي في ذلك كلّه زائدة كما تقدّمت الإشارة إليه ؛ أمّا الأوّلان فلأنّ الشرط قد أجيب بالجملة المقرونة بالفاء في البيت الأول ، وبالفعل المجزوم في البيت الثاني ؛ فلو
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو لذي الرمة في ملحق ديوانه ص ١٨٩١ ، وله أو لأعرابي في شرح شواهد المغني ٢ / ٦٠٧ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ١١ / ٣٣٨ ، والدرر ٤ / ٢٤١.
(٢) البيت من البسيط ، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص ٢٨٨ ، وله ولعبد الرحمن بن حسان في خزانة الأدب ٩ / ٤٩ ـ ٥٢ ولعبد الرحمن بن حسان في خزانة الأدب ٩ / ٤٩ ـ ٥٢ وشرح شواهد المغني ١ / ١٧٨ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧ / ١١٤.
(٣) البيت من الطويل ، وهو لذي الرمة في ديوانه ص ١٢١٩ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٢٨ ، وشرح شواهد المغني ص ٦٠٩.
(٤) البيت من مجزوء الكامل ، وهو لزهير بن جناب في إصلاح المنطق ص ٣١٦ ، والأغاني ١٨ / ٣٠٧ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٥ / ٢٩٩ وسرح ديوان الحماسة للمرزوقي.
(٥) البيت من البسبط ، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص ٣٩١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦١٠ ، وشرح المفصل ١١ / ٣٢٨.