القاعدة الثامنة
كثيرا ما يغتفر في الثّواني ما لا يغتفر في الأوائل ، فمن ذلك «كلّ شاة وسخلتها بدرهم» و [من الطويل] :
٩٤٠ ـ أيّ فتى هيجاء أنت وجارها |
|
[إذا ما رجال بالرّحال استقلّت](١) |
و «ربّ رجل وأخيه» (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ) [الشعراء : ٤] ، ولا يجوز : كل سخلتها ، ولا أي جارها ، ولا ربّ أخيه ، ولا يجوز «إن يقم زيد قام عمرو» في الأصح ، إلا في الشعر كقوله [من البسيط] :
٩٤١ ـ إن يسمعوا سبّة طاروا بها فرحا |
|
عنّي ، وما يسمعوا من صالح دفنوا (٢) |
إذ لا تضاف «كلّ» و «أيّ» إلى معرفة مفردة ، كما أن اسم التفضيل كذلك ، ولا تجرّ «ربّ» إلا النكرات ، ولا يكون في النثر فعل الشّرط مضارعا والجواب ماضيا ، وقال الشاعر [من البسيط] :
٩٤٢ ـ إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا ، |
|
أو تنزلون فإنّا معشر نزل (٣) |
فقال يونس : أراد : أو أنتم تنزلون ، فعطف الجملة الاسميّة على جملة الشرط ، وجعل سيبويه ذلك من العطف على التوهّم ؛ قال : فكأنه قال : أتركبون فذلك عادتنا أو تنزلون فنحن معروفون بذلك ؛ ويقولون : «مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين» ، ويمتنع «قائمين لا قاعد أبواه» ، على إعمال الثاني وربط الأول بالمعنى.
القاعدة التاسعة
أنهم يتّسعون في الظرف والمجرور ما لا يتّسعون في غيرهما ، فلذلك فصلوا بهما الفعل الناقص من معموله نحو «كان في الدّار ـ أو عندك ـ زيد جالسا» ، وفعل التعجّب
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في الكتاب ٢ / ٥٥.
(٢) البيت من البسيط ، ولسان العرب وهو لقعنب ابن أم صاحب في سمط اللالي ص ٣٦٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٥ ، ولسان العرب ٤ / ٤٣٤ مادة / شور / ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ص ٢٠٣ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٨٥.
(٣) البيت من البسيط ، وهو للأعمش في ديوانه ص ١١٣ ، وخزانة الأدب ٨ / ٣٩٤ ، والدرر ٥ / ٨٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٥ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٧٦.