حكم المرفوع بعدهما
إذا وقع بعدهما مرفوع ؛ فإن تقدّمهما نفي أو استفهام ، أو موصوف ، أو موصول ، أو صاحب خبر ، أو حال ، نحو : «ما في الدار أحد» ، و «أفي الدار زيد» ، و «مررت برجل معه صقر» ، و «جاء الذي في الدار أبوه» ، و «زيد عندك أخوه» ، و «مررت بزيد عليه جبّة» ، ففي المرفوع ثلاثة مذاهب :
أحدها : أن الأرجح كونه مبتدأ مخبرا عنه بالظّرف أو المجرور ، ويجوز كونه فاعلا.
والثاني : أنّ الأرجح كونه فاعلا ، واختاره ابن مالك ، وتوجيهه أن الأصل عدم التّقديم والتأخير.
والثالث : أنه يجب كونه فاعلا ، نقله ابن هشام عن الأكثرين.
وحيث أعرب فاعلا فهل عامله الفعل المحذوف أو الظرف أو المجرور لنيابتهما عن «استقرّ» ، وقربهما من الفعل لاعتمادهما؟ فيه خلاف ، والمذهب المختار الثاني ، لدليلين : أحدهما امتناع تقديم الحال في نحو : «زيد في الدار جالسا» ، ولو كان العامل الفعل لم يمتنع ، ولقوله [من الطويل] :
٥٧٢ ـ [فإن يك جثماني بأرض سواكم] |
|
فإنّ فؤادي عندك الدّهر أجمع (١) |
فأكّد الضمير المستتر في الظرف ، والضمير لا يستتر إلا في عامله ، ولا يصح أن يكون توكيدا لضمير محذوف مع الاستقرار ، لأن التوكيد والحذف متنافيان ، ولا لاسم «إنّ» على محله من الرفع بالابتداء ؛ لأن الطالب للمحل قد زال.
واختار ابن مالك المذهب الأول ، مع اعترافه بأن الضمير مستتر في الظرف ، وهذا تناقض ، فإن الضمير لا يستكنّ إلا في عامله.
وإن لم يعتمد الظرف أو المجرور نحو : «في الدار» ، أو «عندك زيد» فالجمهور يوجبون الابتداء ، والأخفش والكوفيّون يجيزون الوجهين ، لأن الاعتماد عندهم ليس بشرط ولذا يجيزون في نحو : «قائم زيد» أن يكون «قائم» مبتدأ و «زيد» فاعلا ، وغيرهم يوجب كونهما على التقديم والتأخير.
* * *
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص ١١١ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٥٩ ، ولكثير عزة في ديوانه ص ٤٠٤ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٢٠١ ، وشرح الأشموني ١ / ٩٣.