الباب الخامس من الكتاب
في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها
[الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها]
وهي عشرة :
الجهة الأولى : أن يراعي ما يقتضيه ظاهر الصناعة ولا يراعي المعنى ، وكثيرا ما تزلّ الأقدام بسبب ذلك.
وأول واجب على المعرب أن يفهم معنى ما يعربه ، مفردا أو مركّبا ، ولهذا لا يجوز إعراب فواتح السّور على القول بأنه من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه.
ولقد حكي لي أنّ بعض مشايخ الإقراء أعرب لتلميذ له بيت المفصّل [من السريع] :
٦٩٠ ـ لا يبعد الله التلبّب وال |
|
غارات إذ قال الخميس : نعم (١) |
فقال : «نعم» حرف جواب ، ثم طلبا محلّ الشاهد في البيت ، فلم يجداه ، فظهر لي حينئذ حسن لغة كنانة في «نعم» الجوابية وهي «نعم» بكسر العين ، وإنما «نعم» هنا واحد الأنعام ، وهو خبر لمحذوف ، أي : هذه نعم ، وهو محل الشاهد.
وسألني أبو حيّان ـ وقد عرض اجتماعنا ـ علام عطف «بحقلّد» من قول زهير [من الطويل] :
٦٩١ ـ تقيّ نقيّ لم يكثّر غنيمة |
|
بنهكة ذي قربى ولا بحقلّد (٢) |
فقلت : حتى أعرف ما «الحقلّد» ، فنظرناه فإذا هي سيّىء الخلق ، فقلت : هو معطوف على شيء متوهّم ؛ إذ المعنى ليس بمكثر غنيمة ، فاستعظم ذلك.
وقال الشلوبين : حكي لي أن نحويا من كبار طلبة الجزولي سئل عن إعراب
__________________
(١) البيت من السريع ، وهو للمرقش الأكبر في إصلاح المنطق ص ٦٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٨٩ ، وشرح المفصل ١ / ٩٤ ، ولسان العرب ١٢ / ٤٢٧ مادة / عم /.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢٣٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٤٢ ، ولسان العرب ٣ / ١٥٤ مادة / حفلد /.