فعلت» ، فكل ذلك خاصّ بالشعر ، وسيأتي توجيهه والاستشهاد عليه.
الثالث : لام الجواب ، وهي ثلاثة أقسام : لام جواب «لو» ، نحو : (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا) [الفتح : ٢٥] ، (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢] ، ولام جواب «لولا» ، نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) [البقرة : ٢٥١] ، ولام جواب القسم ، نحو : (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) [يوسف : ٩١] ، (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) [الأنبياء : ٥٧].
وزعم أبو الفتح أن اللام بعد «لو» و «لولا» و «لوما» لام جواب قسم مقدّر ، وفيه تعسّف. نعم الأولى في (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ) [البقرة : ١٠٣] أن تكون اللام لام جواب قسم مقدر ، بدليل كون الجملة اسميّة ، وأما القول بأنها لام جواب «لو» وأن الاسميّة استعيرت مكان الفعليّة كما في قوله [من الوافر] :
١٨٦ ـ وقد جعلت قلوص بني سهيل |
|
من الأكوار مرتعها قريب (١) |
ففيه تعسّف. وهذا الموضع مما يدلّ عندي على ضعف قول أبي الفتح ، إذ لو كانت اللام بعد «لو» أبدا في جواب قسم مقدّر لكثر مجيء الجواب بعد لو جملة اسمية نحو : «لو جاءني لأنا أكرمه» كما يكثر ذلك في باب القسم.
الرّابع : اللام الدّاخلة على أداة شرط للإيذان بأن الجواب بعدها مبنيّ على قسم قبلها ، لا على الشرط ، ومن ثمّ تسمّى اللام المؤذنة ، وتسمى الموطّئة أيضا ؛ لأنها وطّأت الجواب للقسم ، أي مهّدته له ، نحو : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) [الحشر : ١٢]. وأكثر ما تدخل على «إن» ، وقد تدخل على غيرها ، كقوله [من الكامل] :
١٨٧ ـ لمتى صلحت ليقضين لك صالح ، |
|
ولتجزينّ إذا جزيت جميلا (٢) |
وعلى هذا فالأحسن في قوله تعالى : (لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) [آل عمران : ٨١] أن لا تكون موطّئة و «ما» شرطية : بل للابتداء و «ما» موصولة ، لأنه حمل على الأكثر.
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٤٣٢٠ وخزانة الأدب ٥ / ١٢٠ ، والدرر ٢ / ١٥٢ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٣١٠.
(٢) البيت من الكامل ، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص ١٣٧ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٣٨ ، والدرر ٤ / ٢٤٠.