القاعدة الحادية عشرة
من ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام ، ولذلك أمثلة :
أحدها : إعطاء «غير» حكم إلّا في الاستثناء بها نحو : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) [النساء : ٩٥] فيمن نصب غير ، وإعطاء «إلا» حكم غير في الوصف بها نحو : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢].
والثاني : إعطاء أن المصدرية حكم «ما» المصدريّة في الإهمال كقوله [من البسيط] :
٩٦٠ ـ أن تقرآن على أسماء ويحكما |
|
منّي السّلام وأن لا تشعرا أحدا (١) |
الشاهد في «أن» الأولى ، وليست مخفّفة من الثقيلة ، بدليل أن المعطوفة عليها ، وإعمال «ما» حملا على أن كما روي من قوله عليه الصلاة والسّلام «كما تكونوا يولّى عليكم» ذكره ابن الحاجب ، والمعروف في الرواية كما تكونون.
والثالث : إعطاء «إن» الشرطية حكم «لو» في الإهمال كما روي في الحديث «فإن لا تراه فإنّه يراك» ، وإعطاء «لو» حكم «إن» في الجزم كقوله [من الرمل] :
٩٦١ ـ لو يشأ طار بها ذو ميعة |
|
[لاحق الآطال نهد ذو خصل](٢) |
ذكر الثاني ابن الشجري ، وخرّجه غيره على أنه جاء على لغة من يقول شايشا ـ بالألف ـ ثم أبدلت الألف همزة على قول بعضهم العألم والخأتم ـ بالهمزة ـ ويؤيده أنّه لا يجوز مجيء «إن» الشرطيّة في هذا الموضع ؛ لأنه إخبار عمّا مضى ، فالمعنى لو شاء ؛ وبهذا يقدح أيضا في تخريج الحديث السّابق على ما ذكر ، وهو تخريج ابن مالك ؛ والظاهر أنه يتخرّج على إجراء المعتل مجرى الصحيح كقراءة قنبل (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ) [يوسف : ٩٠] بإثبات ياء يتقي وجزم يصبر.
والرابع : إعطاء «إذا» حكم «متى» في الجزم بها كقوله [من الكامل] :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٢٩٩ ، ولسان العرب ٤ / ٤٠٠ مادة / شرر /.
(٢) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنطائر ١ / ٣٣٣ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٥٦ ، والجنى الداني ص ٢٢٠ ، وجزاهر الأدب ص ١٩٢ ، وخزانة الأدب ٨ / ٤٢٠.
(٣) البيت من الرمل ، وهو لعلقمة الفحل في ديوانه ص ١٣٤ ، ولامرأة من بني الحارث في الحماسة البصرية ،