٤١٢ ـ نعم ، وأرى الهلال كما تراه |
|
ويعلوها النّهار كما علاني (١) |
وعلى ذلك جرى كلام سيبويه ، والمخطّىء مخطىء.
وقال ابن عصفور : أجرت العرب التقرير في الجواب مجرى النفي المحض وإن كان إيجابا في المعنى ، فإذا قيل : «ألم أعطك درهما» قيل في تصديقه : نعم ، وفي تكذيبه : بلى ، وذلك لأن المقرّر قد يوافقك فيما تدّعيه وقد يخالفك ، فإذا قال : «نعم» لم يعلم هل أراد : نعم ، لم تعطني على اللفظ ، أو نعم أعطيتني على المعنى ؛ فلذلك أجابوه على اللفظ ، ولم يلتفتوا إلى المعنى ، وأمّا «نعم» في بيت جحدر فجواب لغير مذكور ، وهو ما قدّره في اعتقاده من أنّ الليل يجمعه وأم عمرو ؛ وجاز ذلك لأمن اللبس ، لعلمه أن كل أحد يعلم أن الليل يجمعه وأم عمرو ؛ أو هو جواب لقوله : «وأرى الهلال ـ البيت» وقدمه عليه. قلت : أو لقوله : «فذاك بنا تداني» وهو أحسن. وأما قول الأنصار فجاز لزوال اللبس ، لأنه قد علم أنهم يريدون نعم نعرف لهم ذلك ، وعلى هذا يحمل استعمال سيبويه لها بعد التقرير ، ا ه.
ويتحرّر على هذا أنه لو أجيب (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) [الأعراف : ١٧٢] بـ «نعم» لم يكف في الإقرار ؛ لأن الله سبحانه وتعالى أوجب في الإقرار بما يتعلّق بالربوبية العبارة التي لا تحتمل غير المعنى المراد من المقرّ ؛ ولهذا لا يدخل في الإسلام بقوله : «لا إله إلّا الله» برفع «إله» ، لاحتماله لنفي الوحدة فقط ؛ ولعل ابن عباس رضياللهعنهما إنما قال إنهم لو قالوا : «نعم» لم يكن إقرارا كافيا. وجوّز الشلوبين أن يكون مراده أنهم لو قالوا : «نعم» جوابا للملفوظ به على ما هو الأفصح لكان كفرا ، إذ الأصل تطابق الجواب والسؤال لفظا ، وفيه نظر ، لأنّ التكفير لا يكون بالاحتمال.
ـ حرف الهاء ـ
* الهاء المفردة ـ على خمسة أوجه :
أحدها : أن تكون ضميرا للغائب ، وتستعمل في موضعي الجرّ والنّصب ، نحو : (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ) [الكهف : ٣٧].
__________________
(١) البيتان من الوافر ، وهما لجحدر بن مالك في أمالي القالي ١ / ٨٢٢ ، والجنى الداني ص ٤٢٢ ـ ٤٢٣ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٠١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٠٨ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٣٦١.