ذلك ، ومثله : (فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ) [النمل : ١٢] ، فـ «في» و «إلى» متعلّقان بـ «اذهب» محذوفا (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [البقرة : ٨٣] وغيرها. أي : وأحسنوا بالوالدين إحسانا ، مثل : (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي) [يوسف : ١٠٠] ، أو : وصيناهم بالوالدين إحسانا مثل : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) [العنكبوت : ٨] ، ومنه باء البسملة.
هل يتعلقان بالفعل الناقص؟
من زعم أنه لا يدلّ على الحدث منع من ذلك ، وهم المبرّد فالفارسي فابن جني فالجرجانيّ فابن برهان ثم الشّلوبين ، والصحيح أنها كلها دالة عليه إلا «ليس».
واستدلّ لمثبتي ذلك التعلّق بقوله تعالى : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا) [يونس : ٢] فإن اللام لا تتعلّق بـ «عجبا» ، لأنه مصدر مؤخّر ، ولا بـ «أوحينا» لفساد المعنى ، ولأنه صلة لـ «أن» ، وقد مضى عن قريب أن المصدر الذي ليس في تقدير حرف موصول ولا صلته لا يمتنع التقديم عليه ؛ ويجوز أيضا أن تكون متعلّقة بمحذوف هو حال من «عجبا» على حد قوله [من مجزوء الوافر] :
٥٦٢ ـ لميّة موحشا طلل |
|
[يلوح كأنّه خلل](١) |
هل يتعلقان بالفعل الجامد؟
زعم الفارسيّ في قوله [من البسيط] :
٥٦٣ ـ ونعم مزكأ من ضاقت مذاهبه |
|
ونعم من هو في سرّ وإعلان (٢) |
أن «من» نكرة تامة تمييز لفاعل «نعم» مستترا ، كما قال هو وطائفة في «ما» من نحو : (فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١] إن الظرف متعلّق بـ «نعم» ؛ وزعم ابن مالك أنها موصولة فاعل ، وأن «هو» مبتدأ خبره «هو» أخرى مقدّرة على حد :
«شعري شعري»
وإن الظرف متعلّق بـ «هو» المحذوفة لتضمّنها معنى الفعل ، أي : ونعم الذي هو باق على ودّه في سرّه وإعلانه ، وإن المخصوص محذوف ، أي : بشر بن مروان ، وعندي
__________________
(١) البيت من مجزوء الوافر ، وهو لكثير عزة في ديوانه ص ٥٠٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢١١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٤٩ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٣١٠ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٣.
(٢) تقدم تخريجه.