خوفك من ربك ؟! فقال عليهالسلام : لا يأمن يومَ القيامة إلا من خاف الله في الدنيا (١).
فهكذا كان حاله عليهالسلام إذا حضرته الصلاة ، وقام بين يدي الله تعالىٰ وكأنه انتقل إلىٰ عالم آخر ، فلا يشعر بمن حوله ، وناهيك عن صلاته يوم العاشر وهو بين الأسنة والرماح وقد أحاط به الأعداء فلم يكترث بهم ولم يشغله ذلك عن مُناجاة الله تعالى ، الأمر الذي يدل علىٰ ارتباطه الشديد الوثيق بالخالق تعالىٰ ، والذي ما انفك عنه مذ خلقه الله تعالىٰ نوراً في الأنوار
ومهلِّلين مكبرين وآدم |
|
من مائه والطين لن يتركبا |
وقد كان عليهالسلام في بطن أُمه ـ صلوات الله عليها ـ وكانت تسمع منه الذكر والتسبيح (٢).
وأما التلاوة فكان يتلو كتاب الله آناءَ الليل وأطراف النهار وقد رُفع رأسُه على الرمح وسُمع منه الذكر وقراءة القرآن فقد روي عن زيد بن أرقم انه قال : مُرَّ به عليَّ وهو علىٰ رمح ، وأنا في غرفة لي فلما حاذاني سمعته يقرأ : ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) (٣) فوقف والله شعري وناديت رأسك والله يا بن رسول الله أعجب وأعجب (٤).
وأما الدعاء فلم يبارح شفتيه وناهيك عن أدعيته في السراء والضراء وفي الأماكن المقدسة كدعاء عرفة وغيره وكأدعيته في ليلة عاشوراء ويومها إلىٰ أن
__________________
(١) مناقب آل ابي طالب : ج ٤ ، ص ٦٩ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ١٩٢.
(٢) الخرائج والجرائح للراوندي : ج ٢ ، ص ٨٤٤ ، بحار الأنوار : ج ٤٣ ، ص ٢٧٣.
(٣) سور الكهف : الآية ٩.
(٤) الإرشاد للشيخ المفيد : ص ٢٤٥.