وإذا ما تتبّعنا الدوافع التي دفعت بأنصار الحسين عليهالسلام للوقوف إلىٰ جانبه ونصرته إلىٰ آخر رمق في حياتهم ، وجدناها دوافع انبثقت من الشعور بالمسؤولية الشرعية ، والتي تأخذ بأعناقهم جميعاً وتلزمهم بالتضحية معه مهما كلفهم الأمر.
وقد أفصحت مواقفهم في هذه الليلة عن نواياهم الصادقة النبيلة ، وعلىٰ طهارة نفوسهم فارتقوا بذلك إلىٰ أرقى الكمالات النفسية ، إذ لم يمازح أهدافهم تلك أيُ نوعٍ من الأهداف الشخصيةِ ، أو المنافع المادية ، أو المطامع الدنيوية ، أو حُبُ الجاه والشهرة.
بل كانت غايتهم رضى الله تعالىٰ ونصر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلمفي شَخص الحسين عليهالسلام فأصبحوا مصداقاً لقوله تعالىٰ : ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) (١).
وإذا أمعنا النظر في أفعالهم وأقوالهم في هذه الليلة ، وجدناها تُفصحُ عن دوافعهم الإيمانية وشعورهم بالمسؤولية الشرعية التي لا مناص من الالتزام بها ، وهذا ما كان واضحاً جلياً في كلماتهم التي عاهدوا فيها الحسين عليهالسلام على الشهادة حينما أذن لهم بالانصراف ، فمن تلك الكلمات ما يلي :
__________________
(١) سورة الكهف : الآية ١٣ و ١٤.