الشديد بالله ، وثقته العظيمة به وأنّ ما يجري عليه هو بنظره تعالى.
ومن كلماته عليهالسلام في ذلك لهم : فاعلموا أن الله إنما يَهبُ المنازلَ الشريفة لعباده باحتمال المكاره ، وإن الله وإن كان قد خصَّني مع مَنْ مضىٰ من أهلي الذين أنا آخرُهُم بقاءً في الدنيا من الكرامات ، بما سهّل معها على احتمال الكريهات ، فإن لكم شطرَ ذلك من كرامات الله ، واعلموا أن الدنيا حُلوها مرّ ، ومرُّها حُلوٌ ، والانتباه في الآخرة ، والفائز مَنْ فازَ فيها والشقي من يشقى فيها (١).
إذ أخذ ـ صلوات الله عليه ـ يرغبهم في احتمال المكاره ، وأنه تعالىٰ يَهبُ المنازلَ باحتمالها وأنه يحتملُها كرامةً لله ـ تعالىٰ ـ ، كما أخذَ يُنَبهُهم من أمر الدنيا ، ويبين حقيقتها فالإنسان فيها إمّا أن يُسعد أو يشقى ، فسعادته هي سيرهُ وفقاً لما أراده الله عزوجل وسعياً لتحقيق الأهداف التي من أجلها خُلق ووجد ، وشقاؤه من اتباع شهوات الدنيا والتعلق بحبائلها والإنشغال بزخارفها.
وأوضح عليهالسلام أن مرارة الدنيا وصعوباتها حين تكون في طريق الله سبحانه تتسم في نظر المؤمن بالحلاوة والجمال ، فالمؤمن مُحب لله ويستحسن كلما يجري عليه من أجل محبوبه.
__________________
(١) أسرار الشهادة للدربندي : ج ٢ ، ص ٢٢٣.