بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله الذي جلّ عن المعارضة والمناظرة ، والصّلاة والسّلام على نبيّه محمد المبعوث بالحجج الدّامغة القاهرة. هذا هو الفنّ السابع من الأشباه والنظائر وهو :
فنّ المناظرات والمجالسات والمذاكرات والمراجعات والمحاورات
والفتاوى والواقعات والمكاتبات والمراسلات.
مناظرة سيبويه والكسائي في المسألة الزّنبوريّة (١)
قال أبو القاسم الزّجّاجي في (أماليه) : أخبرنا أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش النحوي ، حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب ، قال : حدثني سلمة قال : قال الفراء : قدم سيبويه على البرامكة ، فعزم يحيى على الجمع بينه وبين الكسائي فجعل لذلك يوما ، فلمّا حضر تقدّمت والأحمر فدخلنا ، فإذا بمثال في صدر المجلس فقعد عليه يحيى ومعه إلى جانب المثال جعفر والفضل ومن حضر بحضورهم ، وحضر سيبويه ، فسأله الأحمر عن مسألة فأجابه فقال له : أخطأت ، ثم سأله عن ثانية فأجابه فقال له : أخطأت ، ثم سأله عن ثالثة فأجابه فقال له : أخطأت ، فقال له سيبويه : هذا سوء أدب ، قال الفراء : فأقبلت عليه فقلت : إنّ في هذا الرجل حدّة وعجلة ، ولكن ما تقول فيمن قال : هؤلاء أبون ومررت بأبين؟ كيف تقول على مثال ذلك من وأيت وأويت؟ فقدّر فأخطأ ، فقلت : أعد النظر ، فقدر فأخطأ ، فقلت : أعد النظر ، ثلاث مرات يجيب ولا يصيب ، فلمّا كثر ذلك قال : لست أكلّمكما أو يحضر صاحبكما حتى أناظره ، فحضر الكسائي فأقبل على سيبويه فقال : تسألني أو أسألك؟ قال : بل تسألني أنت ، فأقبل عليه الكسائي فقال : كيف تقول : كنت أظنّ أنّ العقرب أشدّ لسعة من الزّنبور فإذا هو هي أو فإذا هو إيّاها؟ فقال سيبويه : فإذا هو هي ، ولا يجوز النصب ، فقال له الكسائي : لحنت ، ثم سأله عن مسائل من هذا النحو : خرجت فإذا عبد الله القائم والقائم ، فقال سيبويه في ذلك كله بالرفع دون النصب ، وقال له
__________________
(١) انظر أمالي الزجاجي (ص ٢٣٩) ، ومجالس العلماء (ص ٨) ، والإنصاف (ص ٧٠٢).