فإذا هو يشبهها ولمّا حذف الفعل انفصل الضمير ، أو أنّه هو الخبر ، كما في قول الأكثرين : فإذا هو هي ، ولكن أنيب ضمير النصب عن ضمير الرفع.
الكلام في قوله يجوز كذا خلافا لفلان
وأمّا قوله : يجوز كذا وكذا خلافا لفلان ، فقد يقال : إنّه يجوز فيه وجهان :
الوجه الأول : أن يكون مصدرا ، كما أنّ قولك : يجوز كذا اتفاقا أو إجماعا ، بتقدير اتّفقوا على ذلك اتّفاقا وأجمعوا عليه إجماعا ، ويشكل على هذا أنّ فعله المقدّر إمّا اختلفوا أو خالفوا أو خالفت ، فإن كان اختلفوا أشكل عليه أمران :
أحدهما : أنّ مصدر اختلف إنما هو الاختلاف لا الخلاف.
والثاني : أنّ ذلك يأبى أن تقول بعده : لفلان ، وإن كان خالفوا أو خالفت أشكل عليه أن «خالف» لا يتعدّى باللام بل بنفسه ، وقد يختار هذا القسم ويجاب عن هذا الاعتراض بأن يقال : قدّر اللام مثلها في سقيا له ، أي : متعلقة بمحذوف تقديره : أعني له أو إرادتي له ، ألا ترى أنّها لا تتعلّق بسقيا لأنّ سقى يتعدّى بنفسه؟
والوجه الثاني : أن يكون حالا ، والتقدير : أقول ذلك خلافا لفلان أي : مخالفا له ، وحذف القول كثير جدا حتى قال أبو علي : «هو من حديث البحر قل ولا حرج» ، ودلّ على هذا العامل أنّ كل حكم ذكره المصنّفون فظاهر أمرهم أنّهم قائلون به ، وكأنّ القول مقدّر قبل كلّ مسألة ، وهذه العلة قريبة من العلة التي ذكروها لاختصاصهم الظروف بالتوسّع فيها ، وذلك أنّهم قالوا : إن منزّلة من الأشياء منزلة أنفسها لوقوعها فيها ، وإنها لا تنفكّ عنها ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأمّا قوله : «وقال أيضا» فاعلم أنّ (أيضا) مصدر آض ، وآض فعل يستعمل وله معنيان :
الأول : رجع ، فيكون تاما ، قال صاحب المحكم : «وآض إلى آهله : رجع إليهم» انتهى في وكذا قال ابن السكيت وغيرهما : وهذا هو المستعمل مصدره هنا.
والثاني : صار ، فيكون ناقصا عاملا عمل كان ، ذكره ابن مالك وغيره وأنشدوا قول الراجز :
٥٤٦ ـ ربّيته حتّى إذا تمعددا |
|
وآض نهدا كالحصان أجردا |
كان جزائي بالعصا أن أجلدا |
__________________
٥٤٦ ـ الرجز للعجاج في ملحق ديوانه (٢ / ٢٨١) ، وخزانة الأدب (٨ / ٤٢٩) ، والدرر (١ / ٢٩٢) ، والمحتسب (٢ / ٣١٠) ، وبلا نسبة في تاج العروس (عدد) و (معد) ، وأساس البلاغة (معد) ، ـ ـ