أنتحله ، قوله تعالى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) [النساء : ١٧١] ، فدعا الرشيد العلماء وسألهم عن جوابها ، فلم يجد فيهم من يزيل الشبهة ، فقيل له : قدم حجّاج خراسان وفيهم عليّ بن الحسين بن واقد ، إمام في علم القرآن ، فدعاه وذكر النصراني الشبهة ، فاستعجم عليه الجواب فقال : يا أمير المؤمنين قد سبق في علم الله أنّ هذا الخبيث يسألني عن هذا ، ولم يخل الله كتابه عن جوابه ولم يحضرني الآن ، والله عليّ أن لا أطعم حتى آتي بحقها ، ثم أغلق عليه بيتا مظلما ، واندفع يقرأ القرآن ، فبلغ من سورة الجاثية : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) [الجاثية : ١٣] ، فصاح أقيموا الباب ، ففتح وقرأ الآية على الغلام بين يدي الرشيد ، وقال : إن كان قوله : (وَرُوحٌ مِنْهُ) يوجب كون عيسى بعضا منه فيجب أن يكون ما في السماوات وما في الأرض بعضا منه ، فانقطع النصراني وأسلم ، وفرح الرشيد وأعظم جائزة عليّ بن واقد وجدت بخط الشيخ شس الدين بن القماح في مجموع له.
من مراسلات الشيخ ضياء الدين أبي العباس
قال : من مراسلات شيخنا العلامة ضياء الدين أبي العباس أحمد ابن الشيخ أبي عبد الله محمد بن عمر بن يوسف بن عمر بن عبد المنعم الأنصاري القرطبي إلى بعض الحكام بقوص (١) وقد جرى كلام في مسألة نحوية جوابا عنها ، كان سيدنا متّع الله ببركتي علمه وعمله ، ومنحه راحتي طاعته وأمله في بارحته التي أشرق دجاها بأسرّته ، ووضح سناها بغرّته ، نثر من جوهر فضله الشفّاف ودرره التي تلج حشا الأصداف ، وضوّع من عرف علمه الذي هو أضوع من عنبر المستاف ونشر من أردية لفظه كلّ رقيق الحاشية معل الأطراف ، وسأل عن أبيات مساور العبسي : [الرجز]
٥٣٦ ـ قد سالم الحيّات منه القدما |
|
الأفعوان والشّجاع الشّجعما |
وذات قرنين ضموزا ضرزما |
عن ناصب الأفعوان والشجاع ورافع الحيات ، وما معنى ضموزا وضرزم؟ فسقيا لفضيلته التي نوّر كمامها واشتدّ تمامها وأمطر غمامها واشتمل على الفضل بدؤها
__________________
(١) قوص : مدينة في صعيد مصر (معجم البلدان ٤ / ٢٠١).
٥٣٦ ـ الرجز للعجاج في ملحق ديوانه (٢ / ٣٣٣) ، وجمهرة اللغة (ص ١١٣٩) ، وله أو لأبي صياح الفقعسي أو لمساور العبسي أو لعبد بني عبس في خزانة الأدب (١١ / ٤١١) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٨١) ، وبلا نسبة في الكتاب (١ / ٣٤٤).